• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل السادس: الصورة الحقيقة لغزوة ذات السلاسل

تتمات أغفلوها عمداً:

قلنا في الفصل السابق: إن الحديث عن سرية ذات السلاسل. قد جاء مبتوراً ومحرفاً، بصورة عجيبة وغريبة.. وقد ظهرت بعض سمات تحريفه فيما سبق، وسيأتي إن شاء الله المزيد عن ذلك في الشروح، والملاحظات، والإلفاتات الآتية..
وأما بالنسبة لكونه جاء مبتوراً، فتوضحه نصوص أخرى قد جرى إغماض النظر عنها عمداً، لأنها ليس فقط لا تنسجم مع الهوى السياسي والمذهبي لأولئك الذين تصدوا لتدوين التاريخ..
بل هي تفسد عليهم خطتهم التي ترمي إلى سوق الأمور باتجاه معين، يخدم أهدافاً رسمت، وأهواءً اتبعت وسياسات وضعت..
وبما أن النصوص المشار إليها قد جاءت مطولة ومفصلة، فلا محيص عن اختصار وتلخيص بعضها. وإيراد بعضها الآخر كما هو..
وهذا ما سوف نقوم به أولاً.. ثم نلحق ذلك ببيانات وتوضيحات نرى أنها ضرورية ومفيدة، فنقول:

نصوص أوجزناها:

والنصوص التي أوجزناها هي التالية:
1 ـ ورد في بعض الروايات عن الإمام الصادق «عليه السلام»: أن النبي «صلى الله عليه وآله» وجَّه عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزماً، يجبِّن أصحابه ويجبنونه، فأرسل علياً «عليه السلام» وأمره أن لا يفارقه العين، فأغار عليهم، فنزلت: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً..} إلى آخر السورة([1]).
2 ـ وروي أن النبي «صلى الله عليه وآله» لما بعث سرية ذات السلاسل، عقد الراية وسار بها أبو بكر، حتى إذا صار بها بقرب المشركين اتصل خبرهم فتحرزوا ولم يصل المسلمون إليهم، فأخذ الراية عمر وخرج مع السرية، فاتصل بهم خبرهم، فتحرزوا، ولم يصل المسلمون إليهم.
فأخذ الراية عمرو بن العاص، فخرج في السرية فانهزموا.
فأخذ الراية لعلي، وضم إليه أبا بكر، وعمر، وعمرو بن العاص، ومن كان معه في تلك السرية.
وكان المشركون قد أقاموا رقباء على جبالهم، ينظرون إلى كل عسكر يخرج إليهم من المدينة على الجادة، فيأخذون حذرهم واستعدادهم.
فلما خرج علي «عليه السلام» ترك الجادة، وأخذ بالسرية في الأودية بين الجبال.
فلما رأى عمرو بن العاص وقد فعل علي ذلك، علم أنه سيظفر بهم، فحسده فقال لأبي بكر، وعمر، ووجوه السرية: إن علياً رجل غر لا خبرة له بهذه المسالك، و نحن أعرف بها منه، وهذا الطريق الذي توجه فيه كثير السباع، وسيلقى الناس من معرتها أشد ما يحاذرونه من العدو، فاسألوه أن يرجع عنه إلى الجادة.
فعرَّفوا أمير المؤمنين «عليه السلام» ذلك، قال: من كان طائعاً لله ولرسوله منكم فليتبعني، ومن أراد الخلاف على الله ورسوله فلينصرف عني.
وفي نص آخر: فقال لهم أمير المؤمنين «عليه السلام»: الزموا رحالكم، وكفوا عما لا يعنيكم، واسمعوا وأطيعوا فإني أعلم بما أصنع([2]).
فسكتوا، وساروا معه، فكان يسير بهم بين الجبال في الليل، ويكمن في الأودية بالنهار، وصارت السباع التي فيها كالسنانير، إلى أن كبس المشركين وهم غارون آمنون وقت الصبح، فظفر بالرجال، والذراري، والأموال، فحاز ذلك كله، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل، فلذلك سميت غزاة ذات السلاسل.
فلما كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين «عليه السلام» على العدو ـ ومن المدينة إلى هناك خمس مراحل ـ خرج النبي «صلى الله عليه وآله» فصلى بالناس الفجر، وقرأ: «والعاديات» في الركعة الأولى، وقال: «هذه سورة أنزلها الله عليَّ في هذا الوقت، يخبرني فيها بإغارة علي على العدو، وجعل حسده لعلي حسداً له، فقال: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}([3]). والكنود: الحسود([4]).
3 ـ وذكر نص آخر: أن أعرابياً أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» باجتماع قوم من العرب في وادي الرمل ليبيتوه في المدينة.. فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» المسلمين..
فانتدب إليهم جماعة من أهل الصفة، فأقرع بينهم، فخرجت القرعة على ثمانين رجلاً، فاستدعى أبا بكر، فقال له: خذ اللواء، وامض إلى بني سليم، فإنهم قريب من الحرة..
فمضى إليهم. وهم ببطن الوادي، والمنحدر إليهم صعب. فخرجوا إليه ـ حين أرادوا الإنحدار ـ فهزموه، وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً.
فعقد «صلى الله عليه وآله» لعمر بن الخطاب وبعثه إليهم.. فهزموه أيضاً.
فأرسل إليهم عمرو بن العاص بطلب من عمرو نفسه، فخرجوا إليه، فهزموه، وقتلوا جماعة من أصحابه..
فدعا علياً «عليه السلام»، فعقد له، ثم قال: «أرسلته كراراً غير فرار».
وشيعه إلى مسجد الأحزاب، وأنفذ معه أبا بكر، وعمر، وعمرو بن العاص.
فسار بهم «عليه السلام» نحو العراق متنكباً للطريق، حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، ثم انحدر بهم على محجة غامضة، حتى استقبل الوادي من فمه..
وكان يسير بالليل، ويكمن بالنهار.
فلما قرب من الوادي أمرهم أن يعكموا الخيل..
فعرف عمرو بن العاص أنه الفتح.
ثم ذكرت الرواية نحو ما تقدم في الرواية السابقة.
ثم قالت: قالوا: وقتل منهم مئة وعشرين رجلاً. وكان رئيس القوم الحارث بن بشر، وسبى منهم مئة وعشرين.
فلما رجع واستقبله النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمون..
قال له: «لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ من الناس إلا وأخذوا التراب من تحت قدميك»([5]).
4 ـ وجاء في نص آخر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أخبر الناس بما أنذر به الإعرابي، وقال لهم: «فمن للوادي»؟
فقام رجل من المهاجرين، فقال: أنا له يا رسول الله، فناوله اللواء، وضم إليه سبع مائة رجل، فسار إليهم، فسألوه عن شأنه، فأخبرهم، فقالوا: «ارجع إلى صاحبك، فإنَّا في جمع لا تقوم له»، فرجع.
فأرسل مهاجرياً آخر، فمضى ثم عاد بمثل ما عاد به صاحبه.
فأرسل علياً «عليه السلام» فمضى إلى وادي الرمل، فوافى القوم بسحر فأقام حتى أصبح، ثم عرض على القوم أن يسلموا أو يضربهم بالسيف، فطلبوا منه أن يرجع كما رجع صاحباه، فأبى، وأخبرهم أنه علي، فاضطربوا لما عرفوه ثم اجترأوا على مواقعته، فقتل منهم ستة أو سبعة، وانهزموا، وظفر المسلمون بالغنائم، ورجعوا.
فاستقبله المسلمون والنبي، فلما بصر بالنبي «صلى الله عليه وآله» ترجل عن فرسه، وأهوى إلى قدميه يقبلهما.
فقال له «صلى الله عليه وآله»: «اركب، فإن الله تعالى ورسوله عنك راضيان».
فبكى علي «عليه السلام» فرحاً، ونزلت سورة العاديات في هذه المناسبة([6]).
5 ـ وفي حديث ابن عباس: أنه «صلى الله عليه وآله» دعا أبا بكر إلى غزوة ذات السلاسل، فأعطاه الراية فردها..
ثم دعا عمر، فأعطاه الراية فردها.
ثم دعا خالد بن الوليد فأعطاه الراية، فرجع.
فأعطاها علياً «عليه السلام» فانطلق بالعسكر، فنزل في أسفل جبل كان بينه وبين القوم، وقال: اركبوا (لعل الصحيح: اكعموا) دوابكم.
فشكا خالد لأبي بكر وعمر: أنه أنزلهم في واد كثير الحيات، كثير الهام، كثير السباع، فإما يأكلهم مع دوابهم سبع، أو تعقرهم ودوابهم حيات، أو يعلم بهم العدو فيقتلهم..
فراجعوا علياً «عليه السلام» بالأمر، فلم يقبل منهم.
ثم راجعوه مرة أخرى فلم يقبل.
فلما كان السحر أمرهم فطلعوا الجبل، وانحدروا على القوم، فأشرف عليهم، وقال لأصحابه: انزعوا عكمة دوابكم، فشمَّت الخيل ريح الإناث، فصهلت، فسمع القوم صهيل الخيل فهربوا.
فقتل مقاتليهم، وسبى ذراريهم. فنزلت سورة «والعاديات» على النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم جاءته البشارة([7]).

إختلافات لها حل:

وقد ظهرت في النصوص المتقدمة بعض الاختلافات التي تحتاج إلى معالجة معقولة ومقبولة.
وهذه المعالجة ليست بعيدة المنال في هذا المورد الذي نحن بصدد الحديث عنه.
ونحن نذكر نماذج منها، ثم نعقب ذلك بما نراه معالجة مناسبة، فنقول:

1 ـ ما هو المقصد؟!

وهل بعث النبي «صلى الله عليه وآله» هذه السرية إلى قضاعة، وإلى عاملة، ولخم، وجذام، وكانوا مجتمعين([8]).
أو إلى قضاعة فقط كما في الروايات الأخرى، بعد أن بلغه أنهم أرادوا أن يدنوا إلى أطراف المدينة([9]). أو بعثها إلى بني سليم([10]).
بل في بعض الروايات: أنه «صلى الله عليه وآله» بعث عمرو بن العاص، يستنفر العرب إلى الشام([11]).

2 ـ المقتولون من الأعداء:

وقد ذكرت بعض نصوص هذه الغزوة: أن المقتولين من الأعداء حين هاجمهم علي «عليه السلام» هم مئة وعشرون رجلاً، وسبي منهم مئة وعشرون ناهداً([12]).
وفي نص آخر: قتل منهم ستة أو سبعة، ثم انهزموا([13]).

3 ـ المحرض على الاعتراض:

وثمة من يصرح: بأن عمرو بن العاص هو الذي حرك أبا بكر وعمر ليعترضا على علي «عليه السلام»، لأنه سار بهم في طريق وعرة، أو نزل بهم في موضع صعب([14]).
ثم نجد ما يدل: على أن المحرض على الاعتراض هو خالد بن الوليد، لا عمرو بن العاص([15]).

4 ـ محور الاعتراض:

وهل اعترض أبو بكر، وعمر، وعمرو بن العاص على المنزل الذي أنزلهم علي «عليه السلام» فيه([16]).
أو أنهم اعترضوا على الطريق التي سلكها بهم([17]).

5 ـ من المخبر للنبي بجمع الأعداء؟!:

وقد تحدثت بعض الروايات عن أن جبرئيل هو الذي أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بجمع هؤلاء الأعداء، وبعددهم، وبما تعاقدوا وتعاهدوا عليه، فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» الناس بذلك([18]).
ولكن نصوصاً أخرى تقول: إن الذي أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بجمعهم هو رجل أعرابي([19]).

6 ـ وقت الإغارة:

تذكر روايات: أن علياً «عليه السلام» أغار على الأعداء عند الفجر([20]).
وبعضها يقول: عند السحر([21]).

7 ـ ماذا جرى لأبي بكر وعمرو بن العاص؟!

وهل خرج إلى أبي بكر مئتا رجل فكلموه وخوفوه فرجع، حسبما تقدم؟!([22]). أم أنه لما صار أبو بكر إلى الوادي، وأراد الانحدار خرجوا إليه، فهزموه، وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً؟!
ثم أرسل إليهم عمر بن الخطاب، فجرى له نفس ما جرى لأبي بكر.
ثم أرسل عمرو بن العاص، فكان الأمر كذلك أيضاً([23]).

8 ـ كيف أوقع علي بالأعداء؟!

وفي حين تذكر روايات: أن علياً «عليه السلام»، سار إلى أن كبس المشركين، وهم غارون، فظفر بهم([24]).
تجد نصاً آخر يقول: إنهم سمعوا صهيل خيله، فولوا هاربين([25]).
وفي نص ثالث: أنه «عليه السلام» خاطبهم، وأخبرهم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أرسله إليهم، ثم عرفهم بنفسه، فاجترؤا على مواقعته، فواقعهم، فقتل منهم ستة أو سبعة وانهزموا([26]).

9 ـ عدد قتلى المشركين:

وهل قتل من المشركين ستة أو سبعة([27]).
أو قتل منهم مئة وعشرون رجلاً([28]).

10 ـ الذين هاجموا المشركين:

ثم إن بعض النصوص قد اقتصرت على ذكر عمرو بن العاص، وأنه هاجم المشركين، فهربوا، ودوَّخ تلك البلاد، وهي التي اختارها عموم المؤرخين، من الفريق المحب لعمرو بن العاص.
ولكن نصاً آخر يذكر: أنه أرسل عمر، ففشل، فأرسل علياً «عليه السلام»([29])، فكان الفتح على يديه.
وذكر نص آخر: إرسال أبي بكر، ثم عمر، ثم علي([30]).
وفي نص آخر ذكر: رجلاً من المهاجرين، ثم رجلاً من المهاجرين، ثم علياً([31]).
وذكر نص آخر: أبا بكر، ثم عمر، ثم عمرو بن العاص، ثم علياً «عليه السلام»([32]).
وفي نص أيضاً: أنه «صلى الله عليه وآله» أعطى الراية أبا بكر، فردها، ثم أعطاها عمر، فردها. ثم أعطاها خالداً، فرجع. ثم أعطاها علياً «عليه السلام»([33]).

11 ـ كيف عرف المشركون بجيش علي ×:

وقد ذكرت بعض تلك الروايات: أن المشركين عرفوا بوجود جيش علي «عليه السلام» حين سمعوا صهيل خيل المسلمين، فولوا هاربين([34]).
ونص آخر يقول: بل كلمهم علي «عليه السلام» ثم واقعهم([35]).

12 ـ وادي اليابس أم وادي الرمل:

وذكرت بعض الروايات: أن السرية أرسلت إلى وادي اليابس([36]).
وذكر بعضها: أنها أرسلت إلى وادي الرمل([37]).
هذا هو الحل:
وبعدما تقدم نقول:
هناك سؤال يقول: ألا يضعف هذا الاختلاف من درجة اعتبار هذه الروايات، ويسقطها عن صلاحية الاعتماد عليها؟!
ويمكن أن نجيب: أن هذه الاختلافات لا تصل إلى حد التناقض والاختلاف.
إذ يمكن أن يعترض عمرو بن العاص على علي «عليه السلام»، ثم يحرض أبا بكر وعمر على ثني عزيمة علي «عليه السلام»، على مواصلة مسيره ذاك..
ويمكن أن يعترض أبو بكر وعمر على علي «عليه السلام» مرتين، مرة على المسير المخيف، ومرة أخرى على المنزل المخيف.
ويمكن أن يخبر جبرئيل بجمع الأعداء، ثم يخبر به ذلك الأعرابي مرة أخرى.
ويمكن أن يكبس علي «عليه السلام» المشركين، وهم غارون. ثم تكون أول معرفتهم بالمهاجمين هو حين سمعوا صهيل الخيل، فهربوا فأوقع بهم علي «عليه السلام»..
ويمكن أن يكون قد واقعهم في اليوم الأول، فقتل منهم ستة أو سبعة فانهزموا، ثم لما استقر بهم المقام عاد فهاجمهم في فجر اليوم التالي، فقتل منهم مائة وعشرين رجلاً..
ويمكن أن يكون هناك واد واحد يسمى بوادي اليابس تارة، وبوادي الرمل أخرى.
ويمكن أن تذكر بعض النصوص مهاجمة عمر، ثم علي لهم.. وتسكت عن مهاجمة أبي بكر وعمرو وخالد.. ولكن راوياً آخر يضيف أبا بكر، ثم يضيف راوٍ ثالث عمرواً، أو خالداً..
ويمكن أن يفاجئهم علي «عليه السلام» بالجيش، ثم يكلمهم ويقيم عليهم الحجة، ويحصل بعض المواجهات فيما بينهم، ويقتل منهم ستة، أو سبعة.. ثم يغير عليهم مرة أخرى بعد ذلك، في وقت السحر أو حين طلوع الفجر.
ويمكن أن تجتمع سليم، وقضاعة، ولخم، وجذام.. فيروي أحد الرواة وجود هذا الفريق، ويهمل الإشارة إلى من عداه.. ولهذا الإهمال أسبابه التي تختلف من شخص لآخر أيضاً، ثم يذكر راوٍ آخرن ذلك الفريق، ويهمل من عداه.
ويمكن أن تكون هناك مهمات عديدة لبعث واحد، مثل أن يواجه الأعداء المتربصين من جهة، وأن يستنفر العرب إلى الشام أيضاَ..
ويمكن: أن يعبر عن الصبح والفجر بالسحر، وكذلك العكس لتقارب الوقتين واتصالهما، خصوصاً وأن الناس يتسامحون في مثل هذه الاختلافات.
ويمكن: أن تتعدد التعابير بتعدد الهجمات، فإحداها كانت عند السحر، والأخرى عند الصبح وهكذا..
ويمكن: أن يتحدث أحدهم عن أن عدد الجيش هو سبع مائة، ويكون نظره إلى أول دفعة، ينتدبها، ويغض الرسول «صلى الله عليه وآله» الطرف عن ذكر العدد النهائي.
إختلافات لا حل لها:
وتبقى هناك اختلافات لا مجال لحلها على الطريقة المتقدمة.. بل تحتاج إلى حلول أخرى قد يكون من بينها الحكم على الرواية بالتحريف والتزييف، إذا قامت الأدلة والشواهد الأخرى على ذلك..
وقد يكون من بينها أيضاً الحكم بتعدد الواقعة، إذا كان ذلك ممكناً، حتى وإن استلزم ذلك نسبة الوهم والخطأ إلى بعض الناقلين، حيث ظنوا بأن تلك الوقائع واحدة، لمجرد رؤيتهم لبعض مفردات التشابه فيما بينها. فأقحموا توضيحات وتفسيرات من عند أنفسهم، ظناً منهم أنهم يسهلون فهم الأمور على من بعدهم..
ولعل مما يصلح شاهداً على ما نقول: هذا التشابه الشديد فيما بين السرايا، ثم هذا التشابه بين مضامين عدد من الأحاديث أيضاً.. حتى إنك تجد أمراً واحداً يذكر في العديد من المواقع والمواضع..
ومن شواهد إقحام الرواة تفسيراتهم الخاطئة في النص ما يذكر في ولادة الحسنين «عليهما السلام»، من أن أسماء كانت حاضرة آنئذٍ، وأتت بهما إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».
والمراد هو: أسماء بنت يزيد الأنصارية، أو أسماء أخرى منهم، ولكن الرواة أقحموا كلمة «بنت عميس» من عند أنفسهم، ربما لارتكاز ذلك في أنفسهم، أو بهدف التوضيح، مع أن أسماء بنت عميس كانت حين ولادة الحسنين «عليهما السلام» مع زوجها جعفر بن أبي طالب في الحبشة..
وقد يسأل سائل هنا: عن السبب في أن كثيراً من مؤرخي أهل السنة، والمتصدين لمعالجة رواياتهم منهم، حين يلاحظون وجود بعض الاختلافات بين الروايات يبادرون إلى الحكم بتعدد الواقعة..
ولكنهم لم يذكروا شيئاً من ذلك في غزوة ذات السلاسل.
والجواب: أن ذلك يعود إلى أنهم قد قصروا نظرهم في هذه الغزوة على مروياتهم هم، والتي تحصر الموضوع في عمرو بن العاص، وادعاء أنه دوَّخ بلاد قضاعة، وعاد منتصراً.. ولم يكترثوا بالروايات الأخرى التي وردت في مصنفات سائر المسلمين، ولاسيما شيعة واتباع خط ونهج أهل البيت «عليهم السلام».

1 ـ عدد أفراد السرية:

وقد روى المؤرخون المتعاطفون مع عمرو بن العاص، وأبي عبيدة وغيرهما، والمهتمون بحفظ ماء وجههم: أن عدد أفراد سرية ذات السلاسل بلغ خمس مائة مقاتل، مائتان منهم جاء بهم أبو عبيدة مدداً لعمرو بن العاص. وقد تقدم ذلك في فصل سابق([38]).
أما الروايات الأخرى فتقول: إن العدد قد بلغ أربعة آلاف مقاتل([39]).
ورواية أخرى تقول: كانوا سبع مائة مقاتل([40]).
وهناك نص يقول: إنه أرسل علياً «عليه السلام» في ثمانين من أهل الصفة، أخرجتهم له القرعة([41]).

2 ـ المقتولون مع أبي بكر:

إن بعض الروايات تصرح: بأن أبا بكر قد عاد إلى النبي «صلى الله عليه وآله» دون أن يباشر قتالاً، وكذلك عمر ـ وهي رواية القمي..
ورواية أخرى ذكرت: أن أولئك القوم خرجوا إلى أبي بكر، فهزموه، وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً([42]).

3 ـ اختلاف التاريخ:

هناك من يقول: إنها كانت قبل مؤتة ـ كابن إسحاق ـ .
وقيل: بعدها.
وقيل: كانت سنة سبع.
وقيل: ثمان، في جمادى الآخرة..
وكل ذلك قد تقدم.
فإن كانت سنة سبع، فذلك لا يتلاءم مع القول: بأن عمرو بن العاص قد اسلم أول سنة ثمان، وأنه قد حضرهذه الغزوة، وكان له دور فيها..
وذكرها المفيد رحمه الله بعد غزوة تبوك، وذكرها على وجه آخر ـ على ما في بعض النسخ القديمة ـ بعد غزوة بني قريظة، وقبل غزوة بني المصطلق([43]).
قال المجلسي نقلاً عن المفيد: وقد كان من أمير المؤمنين عليه السلام في غزوة وادي الرمل ـ ويقال: إنها كانت تسمى بغزوة السلسلة([44]).

4 ـ بعدها عن المدينة:

وهل تبعد عن المدينة اثنتا عشرة مرحلة([45]).
أربع عشرة مرحلة؟([46]).
أو تبعد عنها خمس مراحل فقط؟([47]).
وفي جميع الأحوال نقول: إنه يمكن اعتماد الرواية التي تقول: إن المكان كان قريباً من المدينة.. وذلك للرواية التي تقول: «كان المشركون قد أقاموا رقباء على جبالهم، ينظرون إلى كل عسكر يخرج إليهم من المدينة على الجادة، فيأخذون حذرهم الخ..»([48]).
وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» أرسلهم لغزوة بني سليم، فإنهم قريب من الحرة([49]).

هل هناك اكثر من سرية؟!:

وهذه الاختلافات في الموارد الأربعة المتقدمة تدعونا للتفكير بجدية في اعتبارها مبرراً لتقوية احتمال تعدد الحادثة، وأن هذه الحوادث قد تشابهت في بعض عناصرها.
إلا أن يحمل هذا الاختلاف على وهم وقع فيه الرواة، أو عبث مارسوه، لغاية في أنفسهم.. وفي جميع الأحوال نقول:
إنه لابد لنا من وقفات تدبر وتأمل في النصوص المذكورة، فلاحظ ما نذكره فيما يلي:

الإغارة قبل الاحتجاج أم بعده؟!

ونريد أن نرجح هنا: أن علياً صلوات الله وسلامه عليه قد فاجأ الأعداء في اليوم الأول، ودعاهم إلى ما فيه لهم خير وصلاح، وفلاح ونجاح، فأصروا، فواقعهم، فقتل منهم ستة أو سبعة، ثم أغار عليهم في سحر الليلة الثانية، أو حين الفجر، فأوقع بهم، وقتل منهم مئة وعشرين رجلاً، وأسر منهم مئة وعشرين ناهداً، وغنم ما شاء الله..
نقول هذا لأننا نعرف: أن علياً «عليه السلام» لم يكن يحارب قوماً إلا بعد أن ينذرهم، ويحذرهم، ويحتج عليهم، فإذا أصروا على العناد والحرب واقعهم..
وقد أوصاه النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك ـ فيما روي ـ فقال له: «يا علي لا تقاتل أحداً حتى تدعوه إلى الإسلام الخ..»([50]).
بل لقد روي عن الصادق «عليه السلام» أنه قال: ما بيَّت رسول الله «صلى الله عليه وآله» عدواً قط ليلاً([51]).
وروي عنه «عليه السلام» قال: كان أمير المؤمنين «عليه السلام» لا يقاتل حتى تزول الشمس.
ويقول: تفتح أبواب السماء، وتقبل الرحمة، وينزل النصر.
ويقول: هو أقرب إلى الليل، وأجدر أن يقلَّ القتل، ويرجع الطالب، ويفلت المنهزم([52]).
فهل يصح بعد هذا كله، أن يقال: إنه قد فاجأهم، وقتل وسبا، وغنم، قبل أن يحتج عليهم..
وقد يقال: إن قتال علي «عليه السلام» لهؤلاء القوم إنما كان بعد أن غزوا، وقوتلوا، وقاتلوا، وذلك حين سار إليهم أبو بكر، وعمر، وعمرو، ولا يجب دعوتهم في مثل هذه الحال، كما دلت عليه الرواية عن الإمام الصادق «عليه السلام»([53]).
بل لقد ذكرت بعض الروايات: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، وأنه صلوات الله وسلامه عليه قد فعل ذلك.. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم.

تحرزوا!! انهزموا!!

في الحديث رقم (2) المذكور في صدر هذا الفصل، يلاحظ: أن الرواية تحاول أن تتحاشى التصريح بهزيمة أبي بكر وعمر، فتقول:
«حتى إذا صار بها بقرب المشركين اتصل بهم خبرهم، فتحرزوا، ولم يصل المسلمون إليهم..»
وهذا معناه: أن أبا بكر وعمر لم ينهزما بالراية، بل لم تجر حرب ولا صدام فيما بينهم وبين المشركين، لأن المشركين تحرزوا منهم.
وأما حين يصل الأمر إلى عمرو بن العاص فإن الحديث يصرح بهزيمة عمرو..
فما هذا الحنان على أبي بكر وعمر، الذي لا يستحقه حتى عمرو بن العاص، مع أنه هو الآخر أيضاً من أوليائهم وأحبائهم؟!
على أنك تلاحظ: أنهم حين يصلون إلى عمرو، لا يشيرون إلى تحرز المشركين، الذين كانوا أيضاً يراقبون العساكر التي تخرج من المدينة..
فإن كانوا قد تحرزوا من أبي بكر وعمر، فلماذا لم يتحرزوا من عمرو.. لكي يرجع عمرو كما رجع صاحباه من دون أن يصل المسلمون إليهم؟!.
وإن كانوا لم يتحرزوا وهاجموا عمرواً ومن معه، فلماذا لم يهاجموا أبا بكر ومن معه، وعمر ومن معه.. وتركوهم يرجعون قبل أن يصلوا إليهم؟!.

القائد فقط هو السبب:

وذكرت الرواية المتقدمة برقم (2) أيضاً: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يزد على أن «أخذ الراية لعلي، وضم إليه أبا بكر، وعمر، وعمرو بن العاص، ومن كان معه في تلك السرية». فتحقق النصر العظيم على يده صلوات الله وسلامه عليه، مع أنه لم يجر أي تعديل، سوى أنه أعطى القيادة لأمير المؤمنين علي «عليه السلام»..
وهذا يشير إلى: أن العيب، أو فقل التقصير كان من القادة بالدرجة الأولى..
بل يمكن القول: إن هزيمة نفس هذا الجيش ثلاث مرات متوالية، من شأنها أن تجعل احتمالات الهزيمة في المرة الرابعة أقوى، لأن تلك الهزائم قد حطمت معنوياته وزادت من جرأة جيش الأعداء عليه، ومن شراسته ضده.
وهذا الأمر لابد من أن يؤثر في زيادة الأمور صعوبة، من حيث أنه يهيئ الأجواء لهزيمةٍ أتعس، ولمقاومة من قبل الأعداء أشد وأشرس.
ولكن النتائج قد جاءت على عكس ذلك تماماً، وكان النصر على يد سيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم كما هو معلوم..

حسد عمرو أشرُّ من الهزيمة وأضرُّ:

وبعد، فقد يمكن أن يلتمس للمهزوم عذر، ولو كان باهتاً وضعيفاً، ولو بادعاء أن يكون خوفه على نفسه، وشدة الوجل والوهل قد أذهله عن تكليفه الشرعي، وأضعف عزيمة التصدي والصمود لديه.. ثم هو قد يراجع نفسه، ويندم على ما فرط منه، ويكون ما بدر منه حافزاً له على أن يرمي نفسه في أشد الأخطار، ليكفر عن ذنبه، وليرضي بذلك ربه..
ولكن أن يبادر الإنسان الذي يعيش في محيط الأمن والأمان، إلى العمل على تضييع النصر، وإلحاق الهزيمة بنفسه، وبجيش المسلمين لمجرد الاستجابة لرذيلة الحسد التي تحركت في نفسه، فذلك يدل على خلل عميق في الدين، وفي واقع الإيمان في عمق ذاته..

استجابة الشيخين لابن العاص:

والذي يثير دهشة كل منصف: أن ينقاد أبو بكر وعمر لابن العاص، وأن يجيبا طلبه في العمل على ثني علي «عليه السلام» عن عزمه، وحمله على التراجع عن خطته في مهاجمة العدو!!
فهل هما لم يلتفتا إلى حقيقة ما يرمي إليه ابن العاص؟!. وكيف يكون ذلك والحال: أن محبيهما ما زالوا يصفونهما بالحصافة والحكمة والتبصر.. وإن كانا قد التفتا إلى هذا الخطأ، ثم طاوعاه، ورضيا بأن يكونا أداة بيده لتنفيذ مآربه، فالأمر يصبح أدهى وأمر، وأتعس وأضر، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.

أمير المؤمنين يتهم:

ويظهر من جواب أمير المؤمنين «عليه السلام» لهؤلاء المعترضين: أنه يعتبر اتباعه «عليه السلام» إطاعة لله ولرسوله «صلى الله عليه وآله»، وأن الاعتراض عليه عصيان لله ولرسوله..
وهو يصرح: بأن إصرارهم على اعتراضهم سوف ينتج طردهم من صفوف الجيش الذي يقوده «عليه السلام». وعليهم أن يواجهوا عاقبة فعلهم هذا، وأن يقدموا تفسيراً مقبولاً ومرضياً لدى رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وإذا أضيف إلى ذلك جوابه الآخر، المتضمن لأمرهم بلزوم رحالهم، والكف عما لا يعنيهم، فإنه يكون قد أفهمهم:
1 ـ أنه سوف يكون حازماً في موقفه هذا بنحو لا مجال فيه لأي جدل، أو اعتراض، لأنه في موقف لا مجال لغير الحزم فيه، وسيكون إفساح المجال للجدل، وللتشكيك، والأخذ والرد فيه سبباً في خلق مشكلات ونشوء عراقيل قد تؤثر على المهمة التي انتدبه الرسول «صلى الله عليه وآله» لإنجازها.
2 ـ إن الانضباط في المهمات القتالية، والكون في المواقع المحددة من قبل القيادة، يعطي القدرة على التخطيط، والطمأنينة لسلامة التنفيذ، ويمكِّن من تحقيق النتائج، بعيداً عن المفاجآت التي يهيئ لها الخلل في الإعداد والاستعداد..
3 ـ إن تدخل الجنود فيما لا يعنيهم، وخصوصاً فيما يرتبط بالقرارات الحربية للقيادة.. معناه: أن يفقد القائد قدرته على التأثير في فرض تنفيذ قراراته.
4 ـ إنه «عليه السلام» قد عرَّف الناس: أن هذا الاعتراض يهدف إلى تهيئة الأجواء لعصيان أوامر القائد، والتمرد على قراراته، وليس من مصلحة المعترضين أن يظهر هذا الأمر للناس، ولذلك فلم يعد أمامهم أي خيار سوى التراجع عن موقفهم..
5 ـ إنه قد عرفهم وعرف الناس: أن ما يتذرعون به من أنهم يعرفون أمراً لم يكن علي عارفاً به غير صحيح، فهو عالم بما يصنع، ولذلك لا مجال لتضليل الناس بذرائع من هذا القبيل.

خطة علي :

إن حذر القوم الذين يراد مهاجمتهم، واستعدادهم لابد أن يكون له أسبابه الواقعية.. وهي أحد أمرين هما:
1 ـ أن يكون لهم عين في المسلمين، يرسل إليهم بما يجري، ويعلمهم بتوجه السرية نحوهم، وبطبيعة تحركاتها..
2 ـ أن يكون لهم رقباء في الجبال المشرفة، يخبرونهم بما يرونه، فيحتاطون ويستعدون للأمر قبل وقوعه، اعتماداً على ما يبلغونهم إياه من مشاهدات، أو معلومات.
وقد كان سلوك علي «عليه السلام» لطريق آخر يكفي لتعريف أولئك القادة الذين هزموا أو هربوا بأن علياً «عليه السلام» يتصرف بحكمة، وبدقة بالغة..
ولأجل ذلك عرف عمرو بن العاص: أنه «عليه السلام» سيظفر بهم.. فكيف لم يعرف بذلك أبو بكر وعمر؟ ولعل وضوح هذا الأمر وبداهته قد جعل علياً «عليه السلام» يعتبر المعترضين يسعون إلى مجرد الخلاف عليه، وأنهم يريدون معصية الله ورسوله بذلك..

تبييت العدو ليس غدراً:

وقد ذكرت الروايات المتقدمة، وسواها: أنه «عليه السلام»، قد بيت المشركين وكبسهم، وهم غارون فظفر بهم..
ونعتقد: أن ذلك قد كان بعد الاحتجاج عليهم كما دلت عليه رواية القمي الآتية، التي ذكرت: أنه «صلى الله عليه وآله» أمر أبا بكر «أن إذا رآهم أن يعرض عليهم الإسلام، فإن تابعوا وإلا واقعهم».
كما أنه سيأتي: أنه «صلى الله عليه وآله» ما كان يقاتل قوماً حتى يدعوهم، ويحتج عليهم. وعلى كل حال، فإن علياً «عليه السلام»، بعد أن فرض عليهم المعركة، في الموقع والمكان والوقت والزمان، الذي أحب وأراد، لم يعد يمكنهم التخلي عن مواقعهم إلى أي موقع آخر، لأن ذلك معناه: الاستيلاء على كل ما لديهم، وعلى منازلهم وأموالهم، بل هو قادر على سبي نسائهم وأطفالهم..
فإذا أبوا الاستجابة لأي منطق، ورفضوا الانصياع لأي خيار مقبول أو معقول، واختاروا طريق البغي والعدوان، فلا مانع من أن يكبسهم وهم غارون في أي وقت شاء..
وليس في هذا العمل أية مخالفة للشرايع، أو الأخلاق، بل هو العمل الحكيم الذي يؤيده الخلق الإنساني، ويرضاه الشرع، وتقره العقول.. لأنه ليس من حق العدو المحارب، المعتدي والظالم أن يعتبر نفسه في مأمن، في الوقت الذي يعطي لنفسه الحق بالغدر بالآخرين، ويرخص لنفسه في تبييتهم، والفتك فيهم، ظلماً وعتواً، وبغياً وعلواً..
بل إن أخذ ذلك الظالم على حين غرة من شأنه أن يقلل من عدد القتلى في صفوف المهاجمين، وفي صفوف الأعداء أنفسهم، لأن ذلك يسقط قدرتهم على المقاومة. وينتهي الأمر بالاستسلام.
وإذا كان الاستسلام لأهل الدين. فإن معاملتهم لابد أن تخضع لأحكام الشرع، وفق ما تفرضه الأخلاق الفاضلة، وتقضي به العقول، ولن يكون متأثراً بالأهواء والنزوات والميول..

تسمية الغزوة بذات السلاسل:

وقد أظهرت الرواية الثانية المتقدمة: أن سبب تسمية الغزوة بذات السلاسل: هو أنهم حين أسروا الرجال شدوهم بالحبال كالسلاسل، وقيل: هو اسم ماء يقال له: السلاسل.
ويظهر من أبي عبيد البكري: أن السلاسل رمل بالبادية، يكون بعضه على بعض كأنه السلسلة([54])، ولعل هذا هو مرادهم حين قالوا: إن الأعداء قد اجتمعوا بوادي الرمل([55])، فراجع.
مع احتمال أن تكون هناك أكثر من سرية، ويكون بعضها إلى وادي الرمل، وبعضها إلى مواضع أخرى.

محاباة لعمر؟!

وقد صرحت الرواية الثالثة: بأن الأعداء قد قتلوا جماعة كثيرة من المسلمين، حينما كانت قيادة المسلمين لأبي بكر..
ولكن الرواية تسكت عن قتل المسلمين حين استلم القيادة عمر بن الخطاب، وتكتفي بذكر هزيمته.. ثم لما وصل الأمر إلى عمرو بن العاص، عادت للتصريح بالهزيمة، وبقتل جماعة من المسلمين!!.
فما هذه المحاباة لعمر في هذا النص على حساب رفيقيه، أبي بكر، وعمرو بن العاص؟!.

علي كرار غير فرار:

وقد صرحت الرواية الثالثة أيضاً: بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد وصف علياً «عليه السلام» بأنه كرار غير فرار..
وهذا الوصف هو نفسه: هو الذي أطلقه النبي «صلى الله عليه وآله» على علي «عليه السلام» يوم خيبر، بعد أن هُزم أبو بكر، ثم عمر. وأعطى «صلى الله عليه وآله» الراية لعلي «عليه السلام»، فرجع بالفتح.
وقد شرحنا هناك هذا النص، فراجع غزوة خيبر الفصل الثالث.

ما جرى في خيبر لم يزل يتكرر:

واللافت والعجيب: أن فرار هؤلاء القوم بالراية والجيش، ثم حصول الفتح على يد أمير المؤمنين علي «عليه السلام» قد تكرر مرات عديدة..
فإنا لله.. وإنا إليه راجعون..
فقد حصل ذلك في:
1 ـ قريظة.
2 ـ في خيبر.
3 ـ في فدك.
4 ـ في وادي الرمل بمشاركة عمرو بن العاص.
5 ـ أو في ذات السلاسل قرب المدينة ومشاركة خالد.
6 ـ وربما في بني سليم.
7 ـ وربما في قضاعة في بلاد الشام.
فهل هذه صدف.. أم أن النبي الحاضر يرى ما لا يراه الغائب ويريد لهذا الأمر أن يتكرر، وأن يعرف الناس الحقيقة.

علي يُقبِّل قدمي النبي :

وذكرت الرواية الرابعة المتقدمة: أن علياً «عليه السلام» أهوى إلى قدمي النبي «صلى الله عليه وآله» يقبلهما..
وهذا يدحض المزاعم التي تقول بعدم جواز التبرك بالأنبياء «عليهم السلام»، وبآثارهم، لأن علياً «عليه السلام»، إنما فعل ذلك طلباً لرضى الله سبحانه، ورغبة في ثوابه.. والتماساً للبركة، التي تعني المزيد من العطاء الهنيء والخير النامي، والمقام السامي..
وعلينا أن لا ننسى: أن هذا يشير إلى ترابية أمير المؤمنين «عليه السلام»، وشدة خضوعه لله سبحانه، ولرسوله «صلى الله عليه وآله»، لم يكن يرى نفسه زميلاً لمحمد. كما أنه يشير إلى صفاء ذاته، وطهارة روحه، وخلوص نواياه..
ونجد في مقابل ذلك: أن النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه، كان يتبرك بالعرق الذي يكون على وجه علي «عليه السلام»([56]).

الله ورسوله عنك راضيان:

وقد كانت الجائزة العظمى التي نالها علي «عليه السلام» هي أن الله تعالى ورسوله «صلى الله عليه وآله» راضيان عنه.. وتكون هذه الكلمات هي البشارة الكبرى التي يبكي علي «عليه السلام» فرحاً بها وشوقاً إليها..
فهو إذن لا يطمع بالقصور، ولا بالحور، ولا تهمه الجنان ولا يفرحه كل ما فيها، بمقدار ما يهمه ويفرحه رضى الله تعالى، ورضى رسوله، وفقاً لقوله تعالى: {..رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}([57]).
وقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}([58]).


([1]) أمالي ابن الشيخ ص259 و 260 والبحار ج21 ص75 و 76 عنه، والبرهان ج4 ص498 و 499 ونور الثقلين ج5 ص652 وأمالي الطوسي ص407 والتفسير الصافي ج5 ص361.
([2]) راجع هذه الفقرة: البحار ج21 ص74 وتفسير القمي ج2 ص439 وتفسير نور الثقلين ج5 ص657.
([3]) الآية 6 من سورة العاديات.
([4]) البحار ج21 ص76 و 77 والخرايج والجرايح ج1 ص167 و 168 وراجع: إثبات الهداة ج2 ص118.
([5]) الإرشاد للمفيد ج1 ص 164 و 165 والبحار ج21 ص77 ـ 79 وراجع ص83 و 84 وتفسير فرات، والبرهان (تفسير) ج4 ص498 والمستجاد من الإرشاد ص103 وكشف الغمة ج1 ص203 و 231.
([6]) راجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص 114 ـ 117 والبحار ج21 ص80 ـ 82 عنه وج36 ص178 و 179 وج41 ص92 و 93 وعن إعلام الورى ص 116 و 117 ومناقب آل أبي طالب ص328 ـ 330 والمستجاد من الإرشاد ص100 ـ 103 وشجرة طوبى ج2 ص295 و 296 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 ـ 576 وعن كشف الغمة ج1 ص230 ـ 232 وكشف اليقين ص151 و 152 وتأويل الآيات ج2 ص840 و 841.
([7]) البحار ج21 ص82 و 83 وج41 ص92 و 93 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 و 329 وشجرة طوبى ج2 ص295 وتفسير فرات ص591.
([8]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 عن البلاذري.
([9]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وعن عيون الأثر ج2 ص171 والطبقات الكبرى ج2 ص131..
([10]) البحار ج21 ص77 و 83 وج36 ص178 وتفسير فرات ص592 وكشف اليقين ص151 وتأويل الآيات ج2 ص840 و841.
([11]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص23 وعن البداية والنهاية ج4 ص312 وج5 ص238 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1040 والإمامة والسياسة ج1 ص208 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص516 وج4 ص435.
([12]) تفسير فرات ص593 والبحار ج21 ص84 عنه.
([13]) البحار ج21 ص81 والإرشاد للمفيد ج1 ص116 وإعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص576.
([14]) البحار ج21 ص77 و 78 وج36 ص179 وج41 ص92 والخرايج والجرايح ج1 ص167 والإرشاد ج1 ص164 وتأويل الآيات ج2 ص842 وكشف اليقين ص151 و 152.
([15]) البحار ج21 ص82 وج41 ص92 وتفسير فرات ص591.
([16]) البحار ج21 ص82 وج36 ص179 وج41 ص92 وتفسير فرات ص591 وشجرة طوبى ج2 ص295.
([17]) الإرشاد ج1 ص164 وتأويل الآيات ج2 ص842 وكشف اليقين ص151 و 152 وكشف الغمة ج1 ص231 والبحار ج21 ص77 و 78.
([18]) البحار ج21 ص68 وتفسير القمي ج2 ص434 وتفسير الثقلين ج5 ص652 وتفسير الصافي ج5 ص362 وتأويل الآيات ج2 ص844.
([19]) البحار ج21 ص77 و 80 والإرشاد ج1 ص114 و162 وكشف الغمة ج1 ص230 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص844.
([20]) راجع: البحار ج21 ص76 و 77 و 79 و 83 وج41 ص92 والأمالي للشيخ ص259 و 260 وشجرة طوبى ج2 ص295 وتفسير فرات ص602 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص329 والخرايج والجرايح ج1 ص168 والإرشاد ج1 ص165 والمستجاد في الإرشاد ص103 وكشف الغمة ج1 ص232.
([21]) البحار ج1 ص83 و 84 وتفسير فرات ص592.
(1) البحار ج21 ص69 و 70 وتفسير القمي ج2 ص435 وتفسير فرات ص599 وتفسير الصافي ج5 ص362 وإعلام الورى ص116 و 117 وتأويل الآيات ص845 وتفسير نور الثقلين ج5 ص653.
([23]) البحار ج21 ص78 وج36 ص179 وج41 ص92 والإرشاد ج1 ص163 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 والمستجاد من الإرشاد ص101 و 102 وتأوي الآيات ج2 ص840 وكشف الغمة ج1 ص231 وكشف اليقين ص151.
([24]) البحار ج21 ص79 و 84 وتفسير فرات ص593 ص602 والخرايج والجرايح ج1 ص168 وراجع: الإرشاد ج1 ص165 والمستجاد من الغرشاد ص103.
([25]) البحار ج21 ص83 وج41 ص93 وتفسير فرات ص592 ومناقب آل أبي طالب ج2 3ص329.
([26]) البحار ج21 ص81 والإرشاد للمفيد ج1 ص116 وإعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص576.
([27]) البحار ج21 ص81 والإرشاد للمفيد ج1 ص116 وإعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص576.
([28]) البحار ج21 ص84 وتفسير فرات ص593.
([29]) البحار ج21 ص75 والأمالي للشيخ ص259 و 260 والتفسير الصافي ج5 ص361 والتفسير الأصفى ج2 ص1469.
([30]) البحار ج21 ص68 وتفسير القمي ج2 ص434 وتأويل الايات ج2 ص844 وتفسير نور الثقلين ج5 ص652 وتفسير الصافي ج5 ص362.
([31]) البحار ج21 ص80 وراجع ص66 والإرشاد للمفيد ج1 ص114 وإعلام الورى ص116 و 117 ومجمع البيان ج10 ص528 و 529 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574.
([32]) البحار ج21 ص77 وج41 ص92 والخرايج والجرايح ج1ص167 والإرشاد ج1 ص163 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 والمستجاد من الإرشاد ص101 وكشف الغمة ج1 ص231.
([33]) البحار ج21 ص82 وتفسير فرات ص591.
([34]) البحار ج21 ص83 ج41 ص93 وتفسير فرات ص592 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص329.
([35]) الإرشاد للمفيد ج1 ص114 ـ 117والبحار ج21 ص80 ـ 82 وج41 ص92 وعن إعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 ـ 576.
([36]) البحار ج21 ص68 وشجرة طوبى ج2 ص295 وتفسير القمي ج2 ص434 وتفسير فرات ص599 والتفسير الصافي ج5 ص362 والتفسير الأصفى ج2 ص1469 وبحوث في تاريخ القرآن للزرندي ص51 وتأويل الآيات ج2 ص844.
([37]) مستدرك الوسائل ج4 ص161 والبحار ج20 ص308 وج21 ص80 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 وإعلام الورى ج1 ص382 وكشف الغمة ج1 ص230 والإرشاد ج1 ص162 والمستجاد في الإرشاد ص100 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص174 والنص والإجتهاد ص336 وكشف اليقين ص151 وتأويل الآيات ج2 ص840.
([38]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 و 168 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وتاريخ الخميس ج2 ص175 وعن عيون الأثر ج2 ص171 وعن فتح الباري ج8 ص59 والطبقات الكبرى ج2 ص131 وغير ذلك كثير.
([39]) البحار ج21 ص67 ـ 73 وتفسير القمي ج2 ص وتفسير فرات ص599 والتفسير الصافي ج5 ص362 وتفسير نور الثقلين ج5 ص652 وتأويل الآيات ج2 ص844.
([40]) البحار ج21 ص80 و 82 والإرشاد للمفيد ج1 ص114 و 117 وعن إعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص575.
([41]) البحار ج21 ص77 ـ 79 و 83 و 84 وج36 ص178 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص164 ـ 166 وتفسير فرات ص592 والمستجاد في الإرشاد ص101 وكشف اليقين ص151 وتأويل الآيات ج2 ص840 وكشف الغمة ج1 ص23.
([42]) الإرشاد للمفيد ج1 ص163 البحار ج21 ص78 عنه ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 والمستجاد من الإرشاد ص101 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص577 وكشف الغمة ج1 ص231.
([43]) البحار ج21 ص80.
([44]) البحار ج21 ص80 ومستدرك الوسائل ج4 ص161 والإرشاد ج1 ص113 وبيت الأحزان ص27.
([45]) معجم البلدان ج2 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص479 وكتاب العين للفراهيدي ج5 ص342.
([46]) راجع: فتح الباري ج8 ص448 وشرح النووي (ط دار الكتاب العربي) ج15 ص45 و (ط دار الفكر) ص58 وتحفة الأحوذي (ط دار الفكر) ج5 ص312 وج8 ص405 و (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص310 وج8 ص402 وشجرة طوبى ج2 ص312 وعون المعبود ج1 ص174 وعمدة القاري ج9 ص64 ومجمع البحرين ج1 ص265.
([47]) البحار ج21 ص77 والخرايج والجرايح ج1 ص168.
([48]) البحار ج21 ص77 والخرايج والجرايح ج1 ص167.
([49]) الإرشاد للمفيد ج1 ص163 ـ 165 والبحار ج21 ص77 ـ 79 و 83 و 84 عنه، وعن تفسير فرات ص592 والمستجاد من الإرشاد ص101 وكشف الغمة ج1 ص231.
([50]) البحار ج19 ص167 وج97 ص34 وج98 ص364 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص30 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص43 وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص235 و 337 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص47 والكافي ج5 ص36 ومستدرك الوسائل ج11 ص30 وج17 ص210 وكتاب النوادر ص140 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص502 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص904 وتذكرة الفقهاء (ط ج) ج9 ص44 و 45 ورياض المسائل (ط ج) ج1 ص486 و 493 ومشكاة الأنوار ص193.
([51]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 = = وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص334 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص56 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص909 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص412 ورياض المسائل (ط ق) ج1 ص489 و (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص82 وتهذيب الأحكام ج6 ص174.
([52]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 وفي هامشه عن الكافي (الفروع) ج1 ص335 وعن علل الشرايع ج2 ص603 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص56 والبحار ج33 ص453 وج97 ص22 والكافي للحلبي ص256 ورياض المسائل (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص81 والكافي للكليني ج5 ص28.
([53]) الوسـائل (ط دار الإسـلامية) ج11 ص30 و (ط مؤسسـة آل البيت) ج15 = = ص43 وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص332 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص45 وراجع: جواهر الكلام ج21 ص18 والكافي (ط دار الكتب الإسلامية) ج5 ص20 وتهذيب الأحكام (ط دار الكتب الإسلامية) ج6 ص135.
([54]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص190 وعن فتح الباري ج7 ص19 وتحفة الحوذي ج10 ص260.
([55]) راجع: البحار ج20 ص308 وج21 ص77 والإرشاد للمفيد ج1 ص162 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص174 والمستجاد من الإرشاد ص100 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 وكشف الغمة ج1 ص230 وكشف اليقين ص151 وتأويل الأحاديث ج2 ص840.
([56]) راجع: مستدرك الوسائل ج17 ص335 ومناقب أمير المؤمنين «عليه السلام» للكوفي ج1 ص394 والمسترشد للطبري ص602 ومائة منقبة لمحمد بن أحمد القمي (ابن شاذان) ص58 والتحصين للسيد ابن طاووس ص555 واليقين للسيد ابن طاووس ص179 و 196 و 197 و 243 و 367 والبحار ج37 ص300 و 324 وج38 ص2 وج40 ص15 و 82 و 315 وج89 ص91 وكتاب الأربعين للشيرازي ص55 وحلية الأبرار ج2 ص446 وكتاب الأربعين للماحوزي ص249 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص116 والغدير ج8 ص87 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص194 و 381 والإمام علي «عليه السلام» للهمداني ص92 و 148 وتفسير فرات ص406 والمناقب للخوارزمي ص85 وكشف الغمة ج1 ص112 وكشف اليقين ص266 وتأويل الآيات ج1 ص185 وتنبيه الغافلين ص28.
([57]) الآية 8 من سورة البينة.
([58]) الآيتان 27 و 28 من سورة الفجر.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page