وإن غاب الإمام المهدي عليه السلام عن الناس ولكنهم ينتفعون من وجوده الشريف كما ينتفعون بالشمس حتى لو غطاها السحاب، كما أنه غوث للمؤمنين في نوائبهم، وهو الذي يحميهم بدعائه، ويحيطهم برعايته، ويحزن لهم، فليس هو بمنأى عنهم، شأنه شأن آبائه وأجداده الطاهرين عليهم السلام في رعاية شيعتهم وحمايتهم، روى الكشي عن رميلة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال له: يا رميلة ليس من مؤمن يمرض إلا مرضنا لمرضه، ولا يحزن إلا حزنا لحزنه، ولا يدعو إلا أمنّا له، ولا يسكت إلا دعونا له.. إلى أن قال: يا رميلة ليس يغيب عنّا مؤمن في شرق الأرض ولا غربها.(١٢٥٠)
كما أنهم عليهم السلام يعلّمون شيعتهم بما يحفظهم وما يحترسون به من شرِّ الإعداء، ذكر السيد ابن طاووس رحمه الله تعالى في مهج الدعوات أنه قيل للصادق عليه السلام: بم احترست من المنصور عند دخولك عليه؟ فقال: بالله وبقراءة إنا أنزلناه، ثم قلت: يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله، إني أتشفع إليك بمحمد وآله صلّى الله عليهم أن تقلبه لي، فمن ابتلي بمثل ذلك فليصنع مثل صنعي، ولولا أننا نقرؤها، ونأمر بقراءتها شيعتنا لتخطّفهم الناس، ولكن هي والله لهم كهف.(١٢٥١)
وجاء في كتاب مولانا المهدي عليه السلام إلى الشيخ المفيد رحمه الله تعالى: نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أو اصطلمكم الأعداء...(١٢٥٢)
وهذا مانشاهده بالوجدان، فهذا التأريخ خير شاهد على ذلك، فكم جرى من اضطهاد وجور على شيعة آل البيت عليهم السلام على امتداد التأريخ، وناهيك مافعله سلاطين الجور بهم من ملاحقات وتضييق، ومع ذلك تجد أن التشيع يأخذ دوره في الحياة متألقاً رغم ماجرى عليه من كيد الحاقدين، ومن هنا ندرك جداً رعاية الإمام المنتظر لشيعته وتسديدهم، وخصوصاً علماء وفقهاء المذهب فلولا رعايته عليه السلام ودعاؤه لهم، وألطافه بهم لذهب الجميع أدراج الرياح، وكانوا في طي النسيان، ولكن منَّ الله عليهم بسيد يرعاهم، ويحوطهم بعنايته،ويحزن لهم، وهنا نذكر شيئاً يسيراً من رعايته عليه السلام وألطافه بأوليائه:(١٢٥٣)
***********************************
(١٢٥٠) اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي: ١/ ٣٢٠، بصائر الدرجات، الصفار: ٢٨٠ ح١.
(١٢٥١) مهج الدعوات، السيد ابن طاووس: ٢٢٩، المصباح، الكفعمي: ٢٣١ - ٢٣٢.
(١٢٥٢) الاحتجاج، الشيخ الطبرسي: ٢ / ٣٢٣ - ٣٢٤، بحار الأنوار، الشيخ المجلسي: ٥٣/ ١٧٥ح٧.
(١٢٥٣) وإن أردت التوسع في هذا الموضوع فارجع إلى الكتب التالية:
كتاب: (النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجة الغائب عليه السلام) تأليف خاتمة المحدثين الشيخ حسين الطبرسي النوري قدس سره الشريف فقد ذكر في الجزء الثاني في الباب السابع ص ٥١ - ٣٢٨ مئة حكاية من حكايات، وقصص الذين وصلوا إلى خدمة الإمام صاحب الزمان عليه السلام.
وكتاب (معاجز الإمام المهدي عليه السلام) تأليف السيد هاشم البحراني، الكتاب مستل من كتابه القيم (مدينة المعاجز) تحقيق علاء الدين الأعلمي، الطبعة الأولى سنة ١٤٢٧، نشر انتشارات كلمة الحق.
وكتاب: (الأربعون حديثاً في المهدي عليه السلام) للسيد جلال الموسوي، نشر مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام. فقد ذكر فيه أربعين حكاية لبعض من تشرف بالإمام عليه السلام.
وكتاب: (آثار وبركات الإمام المهدي عليه السلام في دار الدنيا) للسيد هاشم الناجي الموسوي الجزائري، طبع في قم المقدسة - إيران.
وكتاب: (كرامات الإمام المهدي عليه السلام)، تأليف فارس فقيه، نشر دار المحجة البيضاء، بيروت - لبنان.
ألطاف الإمام عليه السلام ورعايته لأوليائه
- الزيارات: 232