• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

بعض التساؤلات حول هذه الأحاديث والجواب عنها

وقد يقال: إنَّ كثيراً من هذه الأحاديث قد رويت عن كثير من الصحابة ممَّن يروي عنهم الجمهور، بل قد يكثرون الرواية عنهم. مع أنَّه لا وجود لها من طرق الجمهور، ولم يعرفوا طرقها.
والجواب: أنَّ مخالفة هذه الأحاديث لأُصول الجمهور التي أصَّلوها، ومسلَّماتهم التي جروا عليها، قد تحملهم علىٰ الإعراض عنها في جملة ما أعرضوا عنه من الأحاديث التي رووها ولم يثبتوها في كتب الحديث، كما قد يحمل ذلك رواة هذه الأحاديث علىٰ الامتناع من روايتها للجمهور، حذراً من رميهم لهم بقوارص القول، ونبزهم لهم بالكذب والبهتان والوضع، كما صنعوه مع من روىٰ دون هذه الأحاديث في مخالفة وجهة الجمهور.(٨٠)
ومثله ما قد يُدَّعىٰ من أنَّ في جملة هؤلاء الرواة من عرفوا بإعراضهم عن أهل البيت صلوات الله عليهم وبموالاة من تقدَّم عليهم من الأوَّلين، وذلك لا يتناسب مع روايتهم لهذه الأحاديث.
لاندفاعه بأنَّ كثيراً من هؤلاء وأمثالهم رووا في حقّ أهل البيت صلوات الله عليهم ما لا يقصر عن مضامين هذه النصوص، كحديث الثقلين ونحوه ممَّا يدلُّ علىٰ خسران من خالفهم، وما تضمَّن ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ونحو ذلك.
**********************************
 (٨٠) فما أكثر ما ترك حملة الحديث ومن دوَّنوه كثيراً من الحديث الذي رووه ولم يدوّنوه. فقد انتقىٰ أحمد بن حنبل مسنده من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث. (أُنظر: سير أعلام النبلاء ١١: ٣٢٩).
وقد ذكر أبو علي الغسّاني عن البخاري أنَّه قال: (خرَّجت الصحيح من ستمائة ألف حديث). وقال الإسماعيلي عنه أيضاً: (لم أُخرِّج في الكتاب إلَّا صحيحاً، وما تركت من الصحيح أكثر). وقال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: (ما أدخلت في كتابي الجامع إلَّا ما صحَّ، وتركت من الصحيح حتَّىٰ لا يطول). وورد عن البخاري أيضاً أنَّه قال: (أحفظ مائة ألف حديث صحيح).
مع أنَّ كتابه لم يتضمَّن إلَّا تسعة آلاف واثنين وثمانين حديثاً بما فيه المكرَّر. (أُنظر: مقدّمة فتح الباري: ٥ و٤٧٥).
وعن أبي بكر بن داسة أنَّه قال: (سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمَّنته هذا الكتاب (يعني: كتاب السنن) جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثماني مائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه...). (سير أعلام النبلاء ١٣: ٢٠٩ و٢١٠/ الرقم ١١٧).
وروى البيهقي: أنَّ أبا زرعة قد حفظ ستمائة ألف حديث. وذكر صالح بن محمّد عن أبي زرعة أنَّه قال: (أنا أحفظ عشرة آلاف حديث في القراءات...). وعن أحمد بن حنبل: (صحَّ من الحديث سبعمائة ألف وكسر). (أُنظر: تهذيب التهذيب ٧: ٣٠/ الرقم ٦٢).، مع أنَّ الموجود أقلّ من ذلك بكثير جدَّاً...
ويا ترى كيف كانت معايير الانتقاء؟ وما هو المؤمّن من اشتمال كثير ممَّا تُرِكَ وأُهمِلَ علىٰ الحقّ، وأن يكون قد أُهمِل لعدم ملاءمته لميول المدوّنين وأهوائهم، وميول العامّة الذين كانوا يجارونهم.
ولنذكر مثالاً واحداً من ذلك، ليتَّضح مدىٰ تلاعب الأهواء بالحديث:
قال الخلال: (وأخبرني محمّد بن علي، قال: ثنا مهنّىٰ، قال: سألت أحمد، قلت: حدَّثني خالد بن خداش، قال: قال سلام. وأخبرني محمّد بن علي، قال: ثنا يحيىٰ، قال: سمعت خالد بن خداش، قال: جاء سلام بن أبي مطيع إلىٰ أبي عوانة، فقال: هات هذه البدع التي قد جئتنا بها من الكوفة. قال: فأخرج إليه أبو عوانة كتبه. فألقاها في التنّور. فسألت خالداً: ما كان فيها؟ قال: حديث الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استقيموا لقريش)، وأشباهه. قلت لخالد: وأيش؟ قال: حديث علي: (أنا قسيم الجنَّة والنار)، قلت لخالد: حدَّثكم به أبو عوانة عن الأعمش؟ قال: نعم، إسناده صحيح. وأخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: سمعت أبي يقول: سلام بن أبي مطيع من الثقات من أصحاب أيّوب، وكان رجلاً صالحاً، حدَّثنا عنه عبد الرحمن بن مهدي. ثمّ قال أبي: كان أبو عوانة وضع كتاباً فيه معايب أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وفيه بلايا، فجاء إليه سلام بن أبي مطيع، فقال: يا أبا عوانة أعطني ذلك الكتاب، فأعطاه، فأخذه سلام، فأحرقه. إسناده صحيح). (السُّنَّة للخلال ٣: ٥١٠).
ثمّ ما أكثر ما تركوا الرواية عن بعض حملة الحديث لا لعدم وثاقتهم، بل لمخالفتهم لهم في المذهب والهوىٰ. ولنذكر مثالاً واحداً لذلك:
ففي حديث الجرّاح بن مليح، قال: (سمعت جابراً يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كلّها). ويقول محمّد بن عمر الرازي: (سمعت جريراً يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه، كان يؤمن بالرجعة). (أُنظر: صحيح مسلم ١: ١٥ و٢٠).
ومن المعلوم أنَّ الإيمان بالرجعة ليس من شواهد الكذب، وإنَّما هو عقيدة مستمدّة من أدلَّة وأحاديث لا يعجبه التصديق بها، وقد اختصَّ بها طائفة تخالفه في المذهب والهوىٰ.
وأيضاً ما أكثر ما مُنِعَ أصحاب الحديث من الحديث، أو ضويقوا، لا لكذبهم، بل لعدم ملاءمة أحاديثهم لهوىٰ السلطان أو العامّة. ويكفينا حديث عيسىٰ بن يونس: (ما رأيت الأعمش خضع إلَّا مرَّة واحدة. فإنَّه حدَّثنا بهذا الحديث: قال علي: (أنا قسيم الجنَّة والنار). فبلغ ذلك أهل السُّنَّة، فجاؤوا إليه، فقالوا: أتحدِّث بأحاديث تقوّي بها الروافضة والزيدية والشيعة. فقال: سمعته، فحدَّثت به. فقالوا: فكلّ شيء سمعته تحدِّث به. قال: فرأيته خضع ذلك اليوم).
ويبدو أنَّ تلك المضايقات اضطرَّت الأعمش للتراجع عن الحديث. يقول أبو بكر بن عيّاش: (قلت للأعمش: أنت حين تحدِّث عن موسىٰ بن ظريف، عن عباية، عن علي: (أنا قسيم الجنَّة والنار)، قال: فقال: والله ما رويته إلَّا علىٰ جهة الاستهزاء. قال: قلت: حمله الناس عنك في الصحف، وتزعم أنَّك رويته علىٰ جهة الاستهزاء). (أُنظر: الضعفاء للعقيلي ٣: ٤١٦/ الرقم ١٤٥٧).
ويقول الذهبي: (قال شبابة: حدَّثنا ورقاء، قال: انطلقت أنا ومسعر إلىٰ الأعمش نعاتبه في حديثين: أنا قسيم النار، وحديث آخر: فلان كذا وكذا علىٰ الصراط. فقال: ما رويت هذا قطّ. وقال الخريبي: كنّا عند الأعمش، فجاءنا يوماً وهو مغضب فقال: ألَا تعجبون، موسىٰ بن طريف يحدِّث عن عباية عن علي قال: أنا قسيم النار). (ميزان الاعتدال ٢: ٣٨٧/ الرقم ٤١٨٨).
وفيما تقدَّم من مواقفهم من فضائل أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومناقبهم، ومثالب أعدائهم، الكثير ممَّا يناسب ذلك.
ثمّ ما أكثر كتب الحديث التي تُلِفَت نتيجة الإهمال والآفات والطوارئ، كالحريق والحروب وغيرها، كما يظهر بأدنىٰ ملاحظة لكتب التاريخ والتراجم، ومن الطبيعي أن يكون قد ضاع بسبب ذلك حديث كثير جدَّاً قد دُوِّنَ فيها، ولم يُدوَّن في غيرها.
بل قد أتلف بعض المحدِّثين كتبهم لمختلف الدواعي، ولنذكر مثالاً واحداً من ذلك:
فقد قال سهل بن حصين بن مسلم الباهلي: (بعثت إلىٰ عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن: ابعث لي بكتب أبيك، فبعث إليَّ أنَّه لمَّا ثقل قال: اجمعها لي، فجمعتها له، وما ندري ما يصنع بها، فأتيته بها. فقال للخادم: استجري التنور، ثمّ أمر بها فأُحرقت، غير صحيفة واحدة، فبعث بها إليَّ...). (طبقات ابن سعد ٧: ١٧٤ و١٧٥).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page