في ليلة ولادة ولي العصر ، وصاحب الأمر ، المؤتمن على غيب الله تعالى وسره ، نتوسل بما يسر الله من القول في حقه ، أرواحنا فداه .
إن بعض الكلمات الواردة في حقه عليه السلام يصعب فهمها وتصور أعماقها ، كالفقرة التي في دعاء الندبة: بنفسي أنتَ من عقيدِ عزٍَ لا يُسَامَى ، يعني أعطاك الله تعالى مقاماً بلغت به أوج عزة لا يستطيع أحد أن يصل إليه أو يساميه . وفهم هذه الجملة يتوقف على فهم ماهي الإمامة، ومن هو الإمام المهدي عليه السلام الذي تختم به ؟
كان العالم كله ينتظر وجود آدم وبنيه عليه السلام ، ذلك الذي يحمل سر قوله تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ . (سورة البقرة:30 ) .
وكان كل بني آدم ينتظرون نبوات الأنبياء ورسالات الرسل عليهم السلام ، لأنها مُعَلِّمة الآدميين ومربيتهم ، وطريقهم إلى بلوغ كمالهم.
وكانت كل النبوات والرسالات تنتظر خاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وآله ، لأن تربية الإنسانية ووصولها الى أوجها إنما تتحقق وتبلغ ثمراتها برسالته صلى الله عليه وآله .
لكن الأمر العظيم أن خاتمة الرسالات كانت تتطلع إلى الإمام المهدي عليه السلام خاتم الأئمة عليهم السلام ، ومحقق أهداف الرسالة الخاتمة !
فإن فهمت هذا ، فهمت من هو إمام العصر والزمان صلوات الله عليه !
سئل الإمام الصادق عليه السلام عن تفسير قوله تعالى: الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ؟ فقال: المتقون شيعة علي عليه السلام ، والغيب فهو الحجة الغائب ، وشاهد ذلك قول الله عز وجل: وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ . (كمال الدين:2/340) (1)
وعندما يستدل الإمام الصادق عليه السلام فعلى نوابغ البشرية أن يشغِّلوا أفكارهم ويتأملوا في أعماق كلامه! فقد استدل هنا بقوله تعالى:وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ..الخ . ومعناه أن نزول الآية من الله تعالى أمر محقق ، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن يتنظرها: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ! وأن هذه الآية المنتظرة من الغيب المختص بالله تعالى: فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ.
وعلى هذا فخاتم الأنبياء ، الشخص الأول في العالم ، وعصارة الخلقة والبعثة عليهما السلام ، مأمور بأن يعدهم بآية غيب الله التي ستتحقق على يد ولده الموعود عليه السلام ويقول لهم: إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ !!
إن وجود العالم من بدوه إلى ختمه كان ينتظر وجود النبي صلى الله عليه وآله ، وهو ينتظر مهديه الموعود عليه السلام !
هذا هو الإمام المهدي ، الذي يوجد فيه كل ما ضيعه العالم !
هو الذي تتطلع إليه الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله !
إنه المقام الكبير والمنزلة العظيمة بنص صحيح السند لا شبهة فيه ، فرسول الله صلى الله عليه وآله خاتم الأنبياء وسيد الرسل ينتظر حفيده الموعود المهدي عليه السلام ويتمنى لقاء أصحابه فيقول وددت لو رأيت إخواني ! أو يقول: آه شوقاً إلى إخواني ! قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: أنتم أصحابي وإخواني الذين لم يأتوا بعد ! فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟
فقال: أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله ، قال: فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض. ألا لَـيـُذادنَّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال! أناديهم ألا هلمَّ فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول: سحقاً سحقاً! (صحيح مسلم:1/150، وراجع المحاسن للبرقي:1/173 ) . (2)
هكذا فاعرفوا صاحب الزمان ، وهكذا عرِّفوه للناس !
وهذا شهر رمضان قد أقبل إليكم ، شهر الله تعالى ، وشهر القرآن: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ.
شهر إمام الزمان عليه السلام الذي تنزل عليه ملائكة ليلة القدر: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ .لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ.. تعبير محلّى بـ (أل) للدلالة على جنس الملك والملكوت . وتتنزل معها الروح ، التي هي في كفة وجميع الملائكة في كفة !
نعم ، تتنزل بكل أمر على ولي الأمر !
لا تصرفوا أوقاتكم في هذا الشهر بما لا طائل فيه ، إصرفوها فقط في ذكر الله تعالى ، لأن الشهر شهر الله ، وفي القرآن ، لأن الشهر شهر القرآن ، والقسم الثالث لإمام الزمان عليه السلام ، فاعملوا في هذا الشهر لكي تدوَّنَ أسماؤكم في سجله عليه السلام .
أتركوا خدمة زيد وعمرو! فهل تجعلون أنفسكم خدماً لمن ينسى نفسه وشخصيته ويفقد توازنه عند أقل قدرة يملكها ؟!
كونوا خداماً لمن يمسك الله به السماء أن تقع على الأرض !
إعرفوا قدر شخصياتكم ، ولا تبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة !
بيعوا أنفسكم لله تعالى، للقرآن ، لصاحب الزمان عليه السلام ، وكيف يمكن للإنسان أن يكون عاشقاً لله تعالى ، مع عشقه لغيره؟! أو عاشقاً لصاحب الزمان مع عشقه لغيره ؟!
مزاج عشق ، بس مشكل پسند است قبول عشق برطاق بلند است
ترجمته: من صفات العشق أن فيه شمماً ، يتعزز في قبول من ينتسب إليه !
فلا تجعلوا العدم شريكاً للوجود ، ولا تخلطوا المعدوم بالموجود !
لا تدخلوا الظلمات بالنور ، واحبسوا أنفسكم على صاحب الزمان عليه السلام ، فقد قال الإمام الباقر عليه السلام لعبد الحميد الواسطي: يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله عز وجل لا يجعل الله له مخرجاً ؟ بلى والله ليجعلن الله له مخرجاً، رحم الله عبداً حبس نفسه علينا ، رحم الله عبداً أحيا أمرنا.
قال قلت: فإن متُّ قبل أن أدرك القائم ؟ قال: القائل منكم أن لو أدركت قائم آل محمد نصرته كان كالمقارع بين يديه بسيفه ، لا بل كالشهيد معه) . (3)
رحم الله عبداً أحيا أمرنا..إذا سرتم خطوة في هذا الطريق فأنتم مخلصون ولستم(مشركين). فاقتصروا على كلمتين:من منه الوجود الحي القيوم سبحانه. ومن به الوجود وهو صاحب الزمان أرواحنا فداه . فغيرهما ليس شيئاً يذكر .
فإن حبستم أنفسكم عليهما ، فقد تكونون من أهل هذا الحديث الشريف:
في بصائر الدرجات للصفار رحمه الله ص104: (حدثنا العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي الجارود عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: اللهم لَقِّني إخواني مرتين، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا ، إنكم أصحابي، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا! أولئك مصابيح الدجىينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة).
والعباس بن معروف موثق بتوثيق النجاشي، عن حماد بن عيسى ، أحد الذين أجمعت الطائفة على تصحيح ما يصح عنه ، عن أبي الجارود ، الموثق بتوثيق المفيد ، عن أبي بصير ، أحد أركان الأرض والأوتاد الأربعة.
اللهم لقني إخواني.. قالها النبي صلى الله عليه وآله مرتين لا مرة واحدة ! قالها الذي نَفَسُهُ ، ونَظْرته ، وكلمته ، تعدل عالم الوجود! فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا، إنكم أصحابي. فأنتم فقط بمستوى الأصحاب أما الإخوان فغيركم !
روحي لك الفداء يا صاحب الزمان، من أنت أيها الرباني حتى بلغ تلاميذك الذين ربيتهم ، وخدامك الذين يتشرفون بخدمتك، درجة أن يحسبوا إخواناً للنبي صلى الله عليه وآله ، فيتمنى لقاءهم والحديث معهم ؟!
أي سرٍّ كامنٍ في شخصك، أودعتَ منه فيهم ، يا غيب الله المكنون ، وسره المرموز ؟! (وإخواني قوم من آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم ، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ! لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء أو كالقابض على جمر الغضا . أولئك مصابيح الدجى ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة).
ما هذا المعدن وهذه التربية التي جعلتهم أصلب في دينهم ممن يمسك جريدة شوك القتاد فيخرطها بيده في الليل دون أن يرى أين يصيبه شوكها ، أو كالذي يمسك بيديه جمراً شديد الحرارة ، غير مكترث باحتراق يده ؟!
وما هذه الدرجة من الإيمان التي جعلت النبي صلى الله عليه وآله يتشوق إلى لقائهم؟! فأخبره الله تعالى بأسمائهم وأسماء آبائهم ، قبل ولادتهم بقرون ؟!
هؤلاء هم عصارة العالم وثمرات النبوة والإمامة ، الذين ربتهم غيبة الإمام عليه السلام ورباهم الإمام عليه السلام في غيبته، الذين صبروا وعَبَرُوا الإمتحانات الإلهية حتى وصلوا إلى مقام الأخوَّة لرسول الله صلى الله عليه وآله وهي درجة عظيمة تلي درجة المعصومين عليهم السلام ، وإن لم تصل إلى درجة المؤاخاة لأمير المؤمنين عليه السلام .
هؤلاء الذين وصلوا بصبرهم ، وبحبسهم أنفسهم على الله ورسوله وحجته إلى هذا المستوى الرفيع !
وكذلك هو عصر الغيبة عصر بلاء وامتحان ، وإخراج للجواهر الكامنة إلى عالم الفعلية ، بأنواع من الإبتلاء والإمتحان !
في الإمامة والتبصرة ص130: (عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم؟ يتبرأ بعضكم من بعض؟! فعند ذلك تميزون، وتمحصون، وتغربلون، وعند ذلك اختلاف السيفين وإمارة من أول النهار ، وقتل وخلع من آخر النهار ) .
فعند ذلك تميزون.. وهذه هي المرحلة الأولى ، مرحلة الفرز وتمييز الخبيث من الطيب !
والثانية: تمحصون ، كتمحيص المعدن ، كالذهب عندما يصهر وتضاف إليه مواد لإخراج ثفالته .
والثالثة: تغربلون ، كغربلة الحنطة لاستخراج زوانها ، وحبها الضعيف الذي يسقط من الغربال !
وفي رواية الشيخ الطوسي رحمه الله أن الإمام عندما وصل إلى المرحلة الثالثة التي هي الغربلة ، قالها ثلاثاً (لا يكون فرجنا حتى تغربلوا ثم تغربلوا ثم تغربلوا ، يقولها ثلاثاً ، حتى يذهب الله تعالى الكدر ويبقى الصفو) . وهو يعني أن خلط الأوراق في المؤمنين وغربلتهم قرب الظهور ، تحصل ثلاث مرات! (4)
وتكون الغربلة الثالثة أصعبها (إنه لا بد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة ، حتى يسقط فيها من يشق الشعر بشعرتين ، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا).
هذا هو الطريق ، وهذا هو المسار الذي ينتظره رسول الله صلى الله عليه وآله في أمته ! وهذا هو التكامل الذي سنه الله تعالى بقوانينه في ابتلاء الأمم والأنبياء والأئمة عليهم السلام ، حتى تصل شجرة البشرية إلى ثمرتها في دولة العدل الإلهي !
إنها من أسرار الغيبة التي قدرها الله تعالى لخاتم الأئمة من عترة نبيه صلى الله عليه وآله وجمع فيها غيبات أنبيائه كلهم عليهم السلام .
وهذا هو الغائب الذي جعله الله مظهراً لغيبه ومظهراً لشهادته ، فهو في غيبته في مقام غيب الغيوب، فإذا جاء وقت ظهوره جعله الله مظهراً للشهادة (محق كل حق، ومبطل كل باطل) ! فأي قدرة يعطيه إياها حتى يستطيع أن يحق بيده كل حق ، ويبطل بيده كل باطل ، بالعموم الوضعي لهذه الكلمة.
صلوات الله عليك يا منتهى الآمال ( المنتهى إليه مواريث الأنبياء ، ولديه موجود آثار الأصفياء ، المؤتمن على الصدق ، والولي للأمر...
إقرؤوا عن واحد من مواريث الأنبياء عليهم السلام حتى تعرفوا ما خبرها؟! أحدها قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ . وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. ( سورة البقرة:30-31 ) ثم تصل إلى صحف آدم وإدريس ونوح، وقميص إبراهيم ، وعصا موسى، وخاتم سليمان ، وعليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب.. حتى تصل إلىمواريث محمد صلى الله عليه وآله من القرآن كمانزل، وتفسيره وتأويله، والجفر والجامعة ومصحف فاطمة ، وسلاح النبي صلى الله عليه وآله بمعجزاته ، ودرعه الخاصة ، ورايته العقاب، وعمامته سلطان الله، وسيفه قدرةالله..والأهم من ذلك من صفاته عليه السلام : أنه المؤتمن على سر الله الأعظم! (السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين، السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين) .
يا ابن رسول الله ، نحن ظلمناك ، ظلمناكم أهل البيت ، فكل ما عندنا منكم ، وبيمنكم رزق الورى ، وبوجودكم ثبتت الأرض والسماء ..
لقد وضعنا على رؤوسنا شعار خدمتك ، لكنا خدمنا الآخرين أكثر مما خدمناك ، بل أسأنا اليك !
غير أن كرمكم أهل البيت لا منتهى له، فليشملنا عفوكم لما مضى ، ولتشملنا عنايتكم لنكون مقبولين عند الله في خدمتكم فيما بقي من عمرنا .
إنا نأمل أن تشملنا منك نظرة عناية ، من نظراتك التي تحول عالماً بكامله !
فأنت الذي به َأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا، فماذا يكون لو أزلت ظلماتنا بإشراقة نورك؟ وأنت الذي قال الله تعالى عنه: إعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فأحيِ هذه القلوب بما أعطاك الله.
اللهم صل على خليفتك وحجتك ، عددَ ما في علمك ، صلاةً دائمةً بدوام ملكك ، واجعلنا من أعوانه وأنصاره ، وأشياعه وأتباعه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(1) في كمال الدين:2/340: (حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: ( ا.ل.م. ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال عليه السلام : المتقون: شيعة علي عليه السلام ، والغيب: فهو الحجة الغائب ، وشاهد ذلك قول الله عز وجل: (وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ). انتهى.
وفي تأويل الآيات:1/31: (قال علي بن إبراهيم رحمه الله ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح ، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: آلم ، وكل حرف في القرآن مقطعة،من حروف اسم الله الأعظم الذي يؤلفه الرسول والإمام عليه السلام فيدعو به فيجاب. قال قلت قوله: ذَلِكَ الْكِتَابُ لارَيْبَ فِيهِ؟ فقال: الكتاب أمير المؤمنين لا شك فيه إنه إمام هدى للمتقين فالآيتان لشيعتنا ، هم المتقون الذين يؤمنون الغيب ، وهو البعث والنشور ، وقيام القائم والرجعة ).
(2) في بصائر الدرجات ص104: (حدثنا العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن أبي الجارود عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: اللهم لقني إخواني مرتين ، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟فقال: لا إنكم أصحابي، وإخواني قوم من آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا. أولئك مصابيح الدجى ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة).
وفي صحيح مسلم النيسابوري:1/150: (وددت أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض ، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال! أناديهم ألا هلمَّ ، فيقال إنهم قد بدلوا بعدك! فأقول سحقاً سحقاً !). ورواه أحمد في مسنده:2/300 وص408 ، والبيهقي في سننه:1/83 و:4/78 ، وابن حبان:3/321 ، ومجمع الزوائد:10/66 وغيرهم بدون نقيصة ، لكن رواه النسائي في سننه:1/93 ، بدون ذم الصحابة في آخره !
(3) في المحاسن للبرقي:1/173: (عنه ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن عبد الحميد الواسطي ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : أصلحك الله، والله لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر حتى أوشك الرجل منا يسأل في يديه !
فقال: يا عبدالحميد أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجاً؟ بلى والله ليجعلن الله له مخرجاً ، رحم الله عبداً حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا . قال فقلت: فإن مت قبل أن أدرك القائم؟ فقال: القائل منكم: إن أدركت القائم من آل محمد نصرته كالمقارع معه بسيفه . والشهيد معه له شهادتان ) . ورواه في كمال الدين ص644، وعنه في البحار:52/126
(4) في الإمامة والتبصرة ص130: (سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم ؟ يتبرأ بعضكم من بعض ؟ فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون ، وعند ذلك اختلاف السيفين ، وإمارة أول من النهار ، وقتل وخلع من آخر النهار ) .
ورواه في الإمامة والتبصرة ص130، عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وفي كمال الدين ص348 .. وغيرهم.
وفي الغيبة للطوسي ص339: (وروي عن جابر الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام متى يكون فرجكم ؟ فقال: هيهات هيهات لا يكون فرجنا حتى تغربلوا ثم تغربلوا ثم تغربلوا ، يقولها ثلاثاً ، حتى يذهب الله تعالى الكدر ويبقى الصفو ) .
وفي قرب الإسناد ص369: ( وقال: من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت ، إن الصمت باب من أبواب الحكمة ، إن الصمت يكسب المحبة وهو دليل على الخير . وكان جعفر عليه السلام يقول: والله لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزون وتمحصون ، ثم يذهب من كل عشرة شئ ولا يبقى منكم إلا نزر ، ثم تلا هذه الآية: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ).
وفي الكافي:1/370: (علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر عليه السلام قال قال: إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال ، فمن أقرَّ به فزيدوه ، ومن أنكره فذروه ، إنه لا بد من أن يكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة، حتى يسقط فيها من يشق الشعر بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا). ورواه النعماني رحمه الله في الغيبة ص202، وفي بصائر الدرجات ص43
وفي الكافي:1/370: ( محمد بن يحيى والحسن بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن علي عن أبي المغرا، عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ويلٌ لطغاة العرب ، من أمر قد اقترب! قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير ، قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير، قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ، ويستخرج في الغربال خلق كثير ). ورواه الطبري رحمه الله في دلائل الإمامة ص456 ، والنعماني رحمه الله في كتاب الغيبة ص204 ، وغيرهم .
وفي الكافي:8/67: ( علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب عن علي بن رئاب ويعقوب السراج ، عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال: الحمد لله الذي علا فاستعلى ، ودنا فتعالى ، وارتفع فوق كل منظر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، خاتم النبيين، وحجة الله على العالمين ، مصدقاً للرسل الأولين ، وكان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً ، فصلى الله وملائكته عليه وعلى آله .
ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه عليه السلام والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوطة القدر ، حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم ، وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سابقون كانوا سبقوا . والله ما كتمت وشمة ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.
ألا وإن الخطايا خيل شمس ، حمل عليها أهلها وخلعت لجمها ، فتقحمت بهم في النار ! ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة وفتحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم: أدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ، ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ، ومن لم أهبه له ، ومن ليست له منه نوبة إلا بنبي يبعث ! ألا ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله ، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم .
حق وباطل ولكل أهل ، فلئن أمر الباطل لقديماً فعل ، ولئن قل الحق فلربما ولعل، ولقلما أدبر شئ فأقبل ، ولئن رد عليكم أمركم إنكم سعداء ! وما عليَّ إلا الجهد ! وإني لأخشى أن تكونوا على فترة ملتم عني ميلة كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ، ولو أشاء لقلت . عفا الله عما سلف ، سبق فيه الرجلان وقام الثالث كالغراب همه بطنه ، ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيراً له ، شغل عن الجنة والنار أمامه ، ثلاثة وإثنان خمسة ليس لهم سادس: ملك يطير بجناحيه ونبي أخذ الله بضبعيه وساع مجتهد وطالب يرجوا ومقصر في النار ، اليمين والشمال مضلة والطريق الوسطى هي الجادة عليها يأتي الكتاب وآثار النبوة ، هلك من ادعى وخاب من افترى . إن الله أدب هذه الأمة بالسيف والسوط ، وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة ، فاستتروا في بيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، والتوبة من ورائكم . من أبدى صفحته للحق هلك ) .
أصحاب الإمام المهدي عليه السلام إخوان للنبي صلى الله عليه وآله
- الزيارات: 1568