• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الشبهة السادسة: وجوب الخُمُس من الأحكام الولائية

 مفاد الشبهة
إنَّ وجوب الخُمُس هو من الأحكام الولائية الحكومتية لأهل البيت (عليهم السلام) لا يمتدُّ في الزمان فلا يشمل زماننا(١٠٦)، وعليه لا تكون ثابتة في الشريعة المقدَّسة، فهي ليست من الشريعة، فإنَّ صدور الأمر بوجوب الخُمُس صادر بعنوان الإمامة والقيادة لا التبليغ والتشريع، فهو أمر لتدبير حياة الأُمَّة فقط.
وعليه يكون الخُمُس واجباً في زمانٍ خاصٍّ؛ لأنَّه ليس من الأحكام الثابتة في الشريعة، وإلَّا لو كان كذلك لما حلَّله الأئمَّة (عليهم السلام).
ردُّ الشبهة
إنَّ حكم وجوب الخُمُس في أرباح المكاسب حكم شرعي أوَّلي ثابت بدليل القرآن الكريم، والسُّنَّة الشريفة، والإجماع، والسيرة العملية القطعية كما تقدَّم ذلك، وقد ذُكِرَ على سبيل القضيَّة الحقيقية، وإنَّ آية الخُمُس تُثبِت حكمه بنحو عامٍّ في كلِّ زيادة حتَّى في أرباح المكاسب بنفس مستوى تشريع الصلاة والصوم والحجِّ، وإنَّ نفس تشريع الخُمُس ليس لأجل حفظ النظام والظروف الزمانية الخاصَّة كما هو الغالب بناءً على اختصاصه بأهل البيت (عليهم السلام) كما في الحكم الولائي، وإنَّما لمصالح ثابتة في متعلّقات الأحكام.
ومضافاً إلى ذلك أنَّ الحكم الشرعي يمرُّ بمرحلتين: مرحلة الجعل، ومرحلة الفعلية، كوجوب الحجِّ فإنَّه حكم شرعي أوَّلي لكنَّه مشروط بالاستطاعة، فعند عدم تحقُّق الاستطاعة لا يجب الحجُّ، وعدم وجوبه لا يدلُّ على أنَّه حكم ولائي، وعدم فعليته لا يدلُّ على ولائيته كما توهَّم البعض.
فلو قُدِّر أنَّ في الصدر الأوَّل من الإسلام لم تكن هنالك استطاعة وكفاية مالية، فعدم فعلية الحكم وتجميده لا يدلُّ على ولائيته، وليكن الخُمُس من هذا القبيل.
وهنالك شواهد عدَّة على ذلك، منها: وجوب الجهاد الابتدائي حيث ذهب أكثر الأصحاب إلى عدم وجوبه إلَّا بحضور المعصوم (عليه السلام)، مع اتِّفاقهم على كونه حكماً شرعياً أوَّلياً.
ومنها: وجوب صلاة الجمعة -على قول بعض الفقهاء- مشروط بحضور الإمام (عليه السلام) نفسه، وفي زمن الغيبة تكون مستحبَّة، وهو حكم شرعي أوَّلي.
ومنها: إقامة الحدود والديات، فإنَّها أحكام شرعية أوَّلية على رأي مشهور الفقهاء مشروطة بحضور الإمام (عليه السلام) نفسه.
ومنها: أنَّ نفس روايات التحليل التي نصَّت على أنَّ زمن الإسقاط هو في عصر الغيبة(١٠٧) فقط تدلُّ على أنَّ الإسقاط حكم ولائي خاضع لظروف معيَّنة لا أوَّلي.
ودعوى: عدم وجود أثر شرعي من زمن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى زمان الصادقين (عليهما السلام) يدلُّ على وجوب الخُمُس في أرباح المكاسب دليل على أنَّه حكم ولائي.
مدفوعة: بعموم آية الخُمُس الشاملة لأرباح المكاسب، وإطلاق جملة كثيرة من الروايات الدالَّة على وجوب الخُمُس في مطلق الفائدة، وخصوصاً بعد أن عرفنا أنَّ تشريع الأئمَّة (عليهم السلام) هو نفس تشريع النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بلا فرق كما تقدَّم.
ودعوى: اضطراب روايات التحليل وروايات الوجوب التي جاءت بعدها يدلُّ على الولائية.
مدفوعة: بأنَّ روايات التحليل ليست مطلقة في كلِّ زمانٍ، وإنَّما هي ناظرة إلى الشيعي الذي انتقل إليه المال من الكافر أو المخالف أو العاصي كما تقدَّم.
وأمَّا القول بأنَّ رواية عليِّ بن مهزيار وغيرها من الروايات فيها شواهد تدلُّ على الولائية(١٠٨)، فإن سلَّمنا بها فإنَّ الولائية من باب التطبيق لا في أصل التشريع.
وكيفما كان فالأدلَّة تدلُّ على أنَّ وجوب الخُمُس حكم أوَّلي لا ولائي، وما ذُكِرَ من أدلَّة ضعيفة، ومع التنزُّل وتسليم ذلك فهو حكم ولائي ثابت في عامود الزمان والمكان ولا موجب للالتزام باختصاصه، ومع التنزُّل فقد فُوِّض هذا الأمر إلى الفقهاء ووزانه وزان تنفيذ القضاء، وأخيراً حتَّى لو لم يكن ثابتاً للمعصوم (عليه السلام) فيمكن للفقيه أن يُثبِته لنفسه إذا توقَّف حفاظ الدين عليه كما يثبت له في بعض المستجدّات الحياتية الضرورية.
***************
(١٠٦) تنقسم الأحكام الشرعية إلى أقسام عدَّة:
١- الحكم الشرعي الأوَّلي: هو ما كان صادراً على الأشياء بعناوينها الأوَّلية مع غضِّ النظر عن طروء أيِّ عنوان آخر عليها، أي هو كلُّ حكم ثابت إلى الموضوع بما هو هو من دون أيِّ عنوان لاحق وطارئ، وذلك من قبيل وجوب الصلاة، فإنَّ الحكم منصبٌّ على ماهيَّة الصلاة بما هي هي من دون ملاحظة أيِّ شيء آخر أو عنوان طارئ.
٢- الحكم الثانوي: ويُطلَق عليه أيضاً الحكم الاضطراري، ويُراد منه: الحكم الذي يُلحَظ فيه العناوين الطارئة بحيث يكون وجوده مترتِّباً على وجودها، أو فقل: إنَّ الحكم الثانوي هو تغيُّر الحكم الأوَّلي إلى حكم آخر طارئ نتيجة بعض الظروف، وذلك كالانتقال من الطهارة المائية إلى الطهارة الترابية في موارد الحرج والاضطرار فإنَّ الحرج يمنع الحكم الأوَّلي وينهض بالحكم الثانوي.
٣- الحكم الولائي: هو كلُّ حكم صادر من الحاكم بما هو وليٌّ وحاكم وسلطان لا بما هو مفتي، سواء كان نبيّاً أو إماماً أو فقيهاً، بناءً على أنَّ الأحكام الولائية تعمُّ حتَّى الفقيه الجامع للشرائط، أو فقل: إنَّ الحكم الولائي ما كان صدوره يُؤخَذ فيه جهة الحاكمية حسب ما يُشخِّصه ذلك الحاكم من المصالح، فيكون حكمه نافذاً حينئذٍ، كالأحكام الصادرة من القوَّة التنفيذية، ونذكر بعض الأمثلة على الأحكام الولائية: منها: المصالحة على الحقوق الشرعية، وأنَّه يجوز للحاكم نقل الخُمُس المتعلِّق بالمال من العين إلى ذمَّة المكلَّف، ومنها: جواز العمل مع الحاكم الظالم. وقد ذهب بعضهم إلى امتداد الحكم الولائي لزماننا أيضاً.
٤- الحكم الفتوائي: وهو الحكم الإثباتي الكلّي الفرعي الذي يكون مستخرَجاً من الأدلَّة الأربعة المعدَّة لاستنباط الحكم الشرعي، كالكتاب العزيز والسُّنَّة المعصومية، مثل وجوب التقصير على المسافر، فإنَّه حكم شرعي فتوائي مستنبط من قوله تعالى: ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ...﴾ (النساء ١٠١).
٥- الحكم الظاهري: وهو كلُّ حكم ثبت للموضوع بقيد الجهل، أو فقل: هو ما أُخِذَ في موضوعه الشكُّ، سواء كان الشكُّ تمام الموضوع أو جزؤه، وقد يكون الشكُّ حيثية تقييدية وقد يكون حيثية تعليلية، فالأوَّل كالأُصول العملية، والثاني كالأمارات الظنّية الكاشفة، وخصَّصه البعض بالأصل العملي، وأُخرى أُطلق على الأعمِّ من الأُصول العملية والأمارات، وثالثة يُطلَق على ما يشمل القطع إضافةً لما تقدَّم.
٦- الحكم التزاحمي: هو عبارة عن تنافي الحكمين في مقام الامتثال، أو فقل: التنافي بين الأحكام التكليفية الإلزامية في مقام الامتثال، على أن يكون منشأ التنافي هو عدم اتِّساع قدرة المكلَّف على الجمع بينهما، كمن وجب عليه الحجُّ والجهاد معاً، فيُقدِّم حينئذٍ الأهمَّ على المهمِّ.
(١٠٧) الوسائل (ج ٩/ ص ٥٤٤/ باب ٤ إباحة حصَّة الإمام من الخُمُس/ ح ٤).
(١٠٨) الشاهد الأوَّل: في رواية عليِّ بن مهزيار ما نصُّه: «وإنَّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضَّة التي قد حال عليهما الحول»، حيث إنَّ الإمام (عليه السلام) أثبت الخُمُس في الذهب والفضَّة مع أنَّهما لا خمس فيهما وإنَّما فيهما الزكاة. (الوسائل ج ٩/ ص ٥٠١/ باب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخُمُس/ ح ٥).
الشاهد الثاني: في نفس رواية عليِّ بن مهزيار التي تنصُّ على أنَّ هنالك بعض الموارد التي يثبت فيها خُمُس أرباح المكاسب، ولكن الإمام (عليه السلام) قد أسقطها، وإليك نصُّها: «ولم أُوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دوابٍّ ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلَّا ضيعة سأُفسِّر لك أمرها، تخفيفاً منّي عن مواليَّ، ومنّاً منّي عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم».
الشاهد الثالث: عن الإمام الجواد (عليه السلام) ما نصُّه: كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمداني: أقرأني عليٌّ كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنَّه أوجب عليهم نصف السُّدُس بعد المؤونة، وأنَّه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤونته نصف السُّدُس ولا غير ذلك، فاختلف من قِبَلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخُمُس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله، فكتب وقرأه عليُّ بن مهزيار: «عليه الخُمُس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطان»، فإنَّ الإمام الجواد (عليه السلام) حدَّد ضريبة الخُمُس بنصف السُّدُس مع أنَّ الواجب هو الخُمُس. (الوسائل ج ٩/ ص ٥٠١/ باب ٨ ما يجب فيه الخمس/ ح ٤).
الشاهد الرابع: عن عليِّ بن محمّد بن شجاع النيسابوري أنَّه سأل أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كُرٍّ ما يُزكّى، فأخذ منه العشر عشرة أكرار، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كُرّاً وبقي في يده ستّون كُرّاً، ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء؟ فوقَّع (عليه السلام): «لي منه الخُمُس ممَّا يفضل من مؤونته». (الوسائل ج ٩/ ص ٥٠٠/ باب ٨ وجوب الخمس/ ح ٢).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page