ومن جملة الروايات صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (رحمه الله)(٦٥) عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو، إنّي أُريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاكٍّ فيما أُريد أن أسألك عنه، فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة إلَّا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فإذا كان ذلك رُفِعَت الحجَّة وأُغلق باب التوبة، فلم يكُ ﴿يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ [الأنعام: ١٥٨]، فأُولئك أشرار من خلق الله (عزَّ وجلَّ)، وهم الذين تقوم عليهم القيامة؛ ولكنّي أحببت أن أزداد يقيناً، وإنَّ إبراهيم (عليه السلام) سأل ربَّه (عزَّ وجلَّ) أن يريه كيف يُحيي الموتى، قال: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ﴾؟ قال: ﴿بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]، وقد أخبرني أبو عليّ أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن(عليه السلام)، قال: سألته وقلت: من أُعامل أو عمَّن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: «العمري ثقتي فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك عنّي فعنّي يقول، فاسمع له وأطع، فإنَّه الثقة المأمون»، وأخبرني أبو عليّ أنَّه سأل أبا محمّد (عليه السلام) عن مثل ذلك، فقال له: «العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعمها، فإنَّهما الثقتان المأمونان»، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.
قال: فَخَرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى، ثمّ قال: سَلْ حاجتك.
فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمّد (عليه السلام)؟
فقال: إي والله، ورقبته مثل ذا - وأومأ بيده -.
فقلت له: فبقيت واحدة.
فقال لي: هاتِ.
قلت: فالاسم؟
قال: محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أُحلِّل ولا أُحرِّم؛ ولكن عنه (عليه السلام)، فإنَّ الأمر عند السلطان أنَّ أبا محمّد مضى ولم يُخلِّف ولداً وقسَّم ميراثه وأخذه من لا حقَّ له فيه، وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرَّف إليهم أو ينيلهم شيئاً، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتَّقوا الله وأمسكوا عن ذلك»(٦٦).
***************
(٦٥) وهو السفير الأوَّل: عثمان بن سعيد العمري (قدّس سرّه).
(٦٦) الكافي ١: ٣٢٩ و٣٣٠/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ١.
الطائفة السادسة: شهادة الوكلاء من الثقاة الأجلاء المعروفين وشهادة الخدم والإماء
- الزيارات: 291