• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

القاعدة الثانية: التنصيب

 النصب لغة: (مصدر نصبت الشيء، إذا أقمته)(١٧٢).
(ونصبه علماً للناس حتَّى يكون عليهم حجَّة، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصَّب عليَّاً عليه السلام وعرَّفه الناس باسمه وعينه، وكذلك الأئمَّة عليهم السلام يُنصِّب الأوَّل الثاني...)، فيكون معناه: إقامة الوصيّ والإمام السابق إماماً لاحقاً على الأُمَّة بتعريف الناس بشخصه.
ويمكن استخلاص الأُمور التالية من هذا المقطع من الرواية الشريفة:
١ _ التنصيب يتمُّ أمام الناس، وذلك من خلال قوله عليه السلام: (لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصَّب عليَّاً عليه السلام وعرَّفه الناس باسمه وعينه).
٢ _ بيان الهدف من إشهاد الناس على عملية التنصيب وهو إقامة الحجَّة عليهم، وهذا واضح من خلال قوله عليه السلام: (حتَّى يكون عليهم حجَّة)، ومفهوم هذا القول أنَّ من لم يُنصَّب علانيةً أمام الناس لا يكون تنصيبه حجَّة على الناس، لعدم علمهم بإمامته.
٣ _ ما يحصل في عملية التنصيب هو تحديد شخصية الخليفة والوصيّ وتعيينه بشكل قطعي، وكلام الإمام في هذا المعنى واضح وجلي جدَّاً بقوله عليه السلام: (وعرَّفه الناس باسمه وعينه)، وضرب عليه السلام مثالاً مسلَّماً به لدى جميع الشيعة في عملية التنصيب وهو: (لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصَّب عليَّاً عليه السلام).
ولعلَّ قائلاً يقول: إنَّ عملية النصِّ على الإمام اللاحق محكمة وتغني عن التنصيب وبالتالي ينتفي غرضه.
وجوابه: أنَّ معنى إحكام النصِّ يكون من جهة معرفة اسم الوصيّ فلا يشتبه باسم آخر، فإذا كان اسم الوصيّ في نصِّ الوصيَّة جعفراً مثلاً فلا يشتبه أنَّه موسى، فالاسم من هذه الناحية لا لبس فيه، ولعلَّ أحد فوائد وحكمة التنصيب هو أن يكون للمعصوم عدَّة أبناء على اسم واحد، وهذا يحصل كثيراً عند الأئمَّة عليهم السلام، والوصيَّة نصَّت على اسم مشترك بين عدَّة أولاد للأئمَّة عليهم السلام، أو يدَّعي هذا المنصب الإلهي من كان اسمه مطابقاً أو قريباً من نصِّ الوصيَّة من خارج نسب المعصوم عليه السلام، وهذا ما حصل كثيراً وضُلِّلت أجيال من المسلمين ولا زالت في ضلال مطبق بسبب حيل اشتراك الاسم أو اختلاق أسماء وألقاب تتطابق مع روايات تتعلَّق بالإمام المهدي عليه السلام، وأوضح مثال على ذلك هو: قيام دولة بني العبّاس وأسماء وألقاب زعمائها كالمهدي والمنصور والسفّاح وغيرها، وهذه الدعوات التي نحن بصددها كدعوة الهمبوشي والقحطاني وغيرها. فما هو الميزان لتحديد شخص الوصيّ المنصوص عليه؟ يأتي هنا دور التنصيب وفائدته، بتحديد وتعيين شخص الوصيّ بتعريفه للناس كما رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يد أمير المؤمنين عليه السلام بغدير خُمٍّ وقال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (هذا علي)، هو تشخيص الوصيّ بحيث لا يبقى أدنى شكّ أو احتمال لدى أيّ سامع أنَّ المعنيَّ غير المنصَّب.
٤ _ ومن شروط التنصيب هو: وجود الإمام السابق ظاهراً علناً بين الناس، وذلك من خلال قول الإمام عليه السلام: (وكذلك الأئمَّة عليهم السلام يُنصِّب الأوَّل الثاني...)، وقوله عليه السلام: (كذلك) إشارة إلى الصيغة التي ذكرها سابقة في كلامه عليه السلام، والتي استخلصت في الأُمور الأربعة. أي على هذه الكيفية تتمُّ عملية تنصيب الإمام اللاحق والوصيّ. وأمَّا ما لم يذكره الإمام عليه السلام من صيغة وكيفية فليس بحجَّة على أتباع آل محمّد عليهم السلام، ومن كان تابعاً لغيرهم فليُصرِّح بأسماء أئمَّته ولا يُحمِّل أهل بيت النبوَّة عليهم السلام آراء وقواعد تتناسب مع ضلالاته هم براء منها ليُضِلَّ بها أولياءهم وأتباعهم باسمهم عليهم السلام، ويتحمَّل بذلك وزرين: الكذب على أهل بيت النبيّ عليهم السلام، وإضلال أتباعهم.
خلاصة القاعدة الثانية: وجود الإمام السابق بشكل ظاهر، وهو من يشرف على عملية التنصيب، والتي لا بدَّ أن تتمَّ أمام الناس لتعريفهم بشخص الوصيّ ليكون حجَّة عليهم.
التطبيق:
يدَّعي أحمد إسماعيل الهمبوشي أنَّه رأى الإمام عليه السلام وقد أخبره بأنَّه ابنه وأنَّه وصيّه وأنَّه رسوله للناس كافّة، ثمّ رتَّب على ذلك أنَّه إمام وأنَّه من يملؤها قسطاً وعدلاً، وحصل ذلك سرَّاً بينه وبين الإمام عليه السلام الذي هو الآن في فترة غيبته الكبرى والتي لا يَعلَم نهايتها إلَّا الله تعالى.
وتلخيص دعوته:
أنَّه رأى الإمام عليه السلام وهو في غيبته، وأنَّ الإمام نصَّبه وصيَّاً، ثمّ ادَّعى بعد ذلك أنَّه إمام ثالث عشر، ولم يشهد على هذا التنصيب أيّ إنسان.
وجوابه:
أمَّا بالنسبة للرؤية في وقت الظهور الذي يدَّعي أحمد إسماعيل أنَّه بدأ وأنَّه قد تفرَّد بهذه الرؤيا، فيُكذِّبه الإمام الصادق عليه السلام بوضوح بقوله: (لا تراه عين في وقت ظهوره إلَّا رأته كلُّ عين، فمن قال لكم غير هذا فكذِّبوه)(١٧٣)، أي إنَّ الرؤية في وقت الظهور عامَّة وليست خاصَّة لأحد دون أحد، فإذا ادَّعى شخص أنَّه رآه دون غيره فهو كذّاب.
وأحمد إسماعيل يعترف أنَّ هذا هو وقت الظهور، ورؤيته رؤية خاصَّة، فهو كاذب مفتر حسب قول الإمام الصادق عليه السلام.
والأمر الثاني والثالث مخالف لقاعدة وسُنَّة المعصومين عليهم السلام في تنصيب الأوصياء والتي تكون حجَّة على الناس، وحاشاهم عليهم السلام أن يطرحوا قاعدة يُعلِّمون فيها الناس معرفة إمامهم ثمّ هم يخالفونها، هذا عمل المضلّين وليس أئمَّة الهدى والقادة إلى الرضوان وحجج الرحمن، وحاشاهم عليهم السلام من هذا القول، فهم أكمل الخلق ورحمة الله في بلاده وحججه على عباده، فكيف يقولون: إنَّ الإمام يُنصِّب الإمام، وهذا الكلام يقتضي معرفة الناس بشخص الإمام السابق، ونحن نعلم علم اليقين أنَّ إمامنا والحجَّة علينا هو غائب، وكيف يقولون: إنَّ تنصيبه أمام الناس ثمّ يُنصِّبونه خلسةً!؟ وكيف يقولون: إنَّ تعريف الوصيّ للناس بشخصه من قِبَل الإمام السابق حجَّة على الناس، ثمّ بعد ذلك وبعد تنصيبه سرَّاً يكون هذا التنصيب حجَّة!؟ وحاشا معدن الرحمة والحكمة أن يصدر منهم هذه المخالفات التي يلزم من كلام أحمد إسماعيل أنَّها صدرت منهم عليهم السلام. فمن يؤمن بأنَّ الأئمَّة لا تصدر منهم هذه المخالفات فكلام أحمد إسماعيل بالنسبة إليه ليس غير حجَّة علينا فقط وإنَّما هو جرأة على الله ورسوله وأهل بيته الطاهرين بنسبة النقص والتناقض إليهم عليهم السلام، ونعوذ بالله تعالى من هذا الإجرام والانحراف العظيم. ومن يتساهل في نسبة هذه الأُمور لآل بيت محمّد عليهم السلام ارضاءً لعقيدته بأحمد إسماعيل فهنيئاً له إمامة أحمد إسماعيل مع مخالفة وتكذيب آل رسول الله عليهم السلام بالرغم من تصريح الباقر عليه السلام أنَّ كلام هذا المدَّعي ليس بحجَّة، لعدم مطابقته للقاعدة التي وضعها عليه السلام، لمخالفتها شروط ومعايير التنصيب التي بيَّنها.
***************
(١٧٢) الصحاح للجوهري ١: ٢٢٤/ مادَّة (نصب).
(١٧٣) مختصر بصائر الدرجات: ١٨١؛ بحار الأنوار ٥٣: ٦.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page