• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في غيبته عليه السلام

 وأمَّا غيبته فقد تواترت الأخبار بها قبل ولادته، واستفاضت بدولته قبل غيبته، وهو صاحب السيف من أئمّة الهدىٰ، والمنتظر لدولة الإيمان، والقائم بالحقّ، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الأُخرىٰ، كما جاءت به الأخبار عن آبائه الصالحين الصادقين(١٤٧).
فأمَّا الغيبة القصرىٰ فمنذ وُلِدَ صلوات الله عليه إلىٰ أن قُطِعَت السفارة بينه وبين شيعته، وعدم السفراء بالوفاة، وأمَّا الطولىٰ فهي بعد الأُولىٰ، وفي آخرها يقوم بالسيف.
وكانت مدَّة الغيبة وهي زمان السفارة أربعاً وسبعين سنة(١٤٨)، منها خمس سنين كان مع أبيه عليه السلام، وتسع وستّون سنة بعد أبيه، كان يُعرَف فيها أخباره ويُقتَصُّ آثاره ويُهتدىٰ إليه بوجود سفير بينه وبينهم، وباب قد دلَّ الدليل القاطع علىٰ صدقه، وصحَّة بابيَّته وسفارته(١٤٩)، وهي معجزة كالتي كانت تظهر علىٰ يد كلّ واحد من الأبواب.
وعدد(١٥٠) الأبواب وهم السفراء أربعة:
أوَّلهم أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري، وكان أسدياً يتَّجر في السمن، ومن أجل ذلك قيل له: السمّان، وكان رضي الله تعالىٰ عنه باباً وثقةً لأبيه وجدّه علي بن محمّد عليهما السلام من قبل، ثمّ تولّىٰ البابية من قِبَل صاحب الأمر عليه السلام(١٥١).
وظهرت له المعجزات الكثيرة علىٰ يديه من قِبَله عليه السلام، وعلىٰ أيدي الباقين من السفراء رضي الله عنهم بعدد السيل والليل، وكذلك يخرج علىٰ أيديهم التوقيعات وجوابات مسائل الشيعة، وتصل أيضاً علىٰ أيديهم الأخماس والصدقات إلىٰ صاحب الأمر عليه السلام ليفرّقها في أهلها ويضعها في موضعها، علىٰ هذا مضىٰ لسبيله أبو عمرو عثمان بن سعيد رحمة الله تعالىٰ عليه.
ثمّ قام ابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان مقامه، بنصّ أبي محمّد عليه السلام ونصّ أبيه عثمان بأمر صاحب الأمر عليه السلام(١٥٢)، (وسدَّ مسدَّه)(١٥٣) في جميع ما نيط به، وفوَّض إليه القيام بذلك، ثمّ مضىٰ علىٰ منهاج أبيه رضوان الله عليه في آخر جمادىٰ الآخرة سنة خمس وثلثمائة، وقيل: سنة أربع وثلثمائة.
(ثمّ قام مقامه أبو القاسم الحسين بن روح من بني نوبخت بنصّ أبي جعفر محمّد بن عثمان عليه وأقامه مقام نفسه، بأمر الإمام عليه السلام(١٥٤)، وعاش رضي الله عنه سفيراً كما قد ذكرناه إحدىٰ وعشرين سنة، ومات رضي الله عنه في شعبان سنة ٣٢٦، ست وعشرين وثلاثمائة)(١٥٥).
وقام مقامه أبو الحسن علي بن محمّد السمري بنصّ أبي القاسم الحسين بن روح(١٥٦) عليه، ووصيَّته إليه رضي الله تعالىٰ عنه، وقام بالأمر منها علىٰ منهاج من مضىٰ وتقدَّم عليه من الأبواب الثلاثة، وعاش علىٰ ذلك أربع سنين، فلمَّا استكمل أيّامه وقرب أجله أخرج للناس توقيعاً فيه:
(بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمّد السمري، عظَّم الله أجر إخوانك فيك فإنَّك ميّت ما بينك وبين ستَّة أيّام، فاجمع أمرك ولا توص إلىٰ أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامّة ولا ظهور إلَّا بعد إذن الله تعالىٰ ذكره، وذلك بعد طول الأمد(١٥٧) وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدَّعي المشاهدة، ألَا فمن ادَّعىٰ المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر(١٥٨)، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليّ العظيم).
فانتسخوا هذا التوقيع وخرجوا من عنده، فلمَّا كان يوم السادس عادوا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيّك؟ فقال: لله أمر هو بالغه، وقضىٰ(١٥٩).
فهذا آخر كلام سُمِعَ منه رضي الله تعالىٰ عنه، وكان وفاته في سنة تسع وعشرين وثلثمائة، ووقعت بعد مضيّ السمري الغيبة الثانية وهي الطولىٰ، ولم يؤقّت لأحد غايتها ولا نهايتها، فمن عيَّن لذلك وقتاً فقد افترىٰ كذباً وزوراً.
***************
(١٤٧) منها ما روي في إكمال الدين (ص ٣٢٤): عن علي عليه السلام أنَّه قال: (وإنَّ للقائم منّا غيبتين إحداهما أطول من الأُخرىٰ)، وفي كتاب الغيبة للنعماني (ص ١٧٧): عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: (لقائم آل محمّد غيبتان: إحداهما أطول من الأُخرىٰ)، قال: (نعم).
(١٤٨) هناك من يذهب إلىٰ أنَّ زمان الغيبة الصغرىٰ هو (٦٩) سنة وليس (٧٤) كما ذكره المصنِّف، والاختلاف هنا منهجي ومبنائي كما يقال، فمن ذهب إلىٰ أنَّ الغيبة الصغرىٰ تبدأ من حين إمامته عليه السلام ونيابة السفراء ويجعل ذلك من الفوارق بينها وبين الغيبة الكبرىٰ فبالتأكيد سوف تكون فترة الغيبة الصغرىٰ (٦٩) سنة، أمَّا من يذهب إلىٰ أنَّ الغيبة الواقعية تبدأ من حين ولادته عليه السلام فهي بالتأكيد ستكون كما ذكرها المصنِّف أي (٧٤) سنة، ولكن الغريب من المصنِّف أنَّه جمع بين الأمرين أي مدَّة (٧٤) والتي هي من المفترض أن تكون بحساب الولادة، وبين تصـريحه بأنَّها (زمان السفارة)، وهذا ما لم يقل به أحد من المؤرِّخين.
(١٤٩) ورد في النسختين (م)، (ق): (وصحَّة ما بينه وبين سفارته)، والصواب ما أثبتناه، وهو الوارد في (تاج المواليد).
(١٥٠) في نسخة (م): (وعدَّة).
(١٥١) قال عنه الإمام الحسن العسكري عليه السلام: (هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدَّىٰ إليكم فعنّي يؤدّيه). (كتاب الغيبة: ٣٥٤).
(١٥٢) روىٰ الشيخ الطوسي بسنده عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: (لمَّا مضىٰ أبو عمرو رضي الله تعالىٰ عنه، أتتنا الكتب بالخطّ الذي كنّا نكاتب به، بإقامة أبي جعفر رضي الله عنه مقامه). (كتاب الغيبة: ٣٦١).
(١٥٣) محذوف في نسخة (ق).
(١٥٤) روىٰ الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة (ص ٣٧١): عن أبي محمّد هارون بن موسىٰ، قال: أخبرني أبو علي محمّد بن همّام رضي الله عنه وأرضاه، أنَّ أبا جعفر محمّد بن عثمان العمري قدَّس الله روحه جمعنا قبل موته وكنّا وجوه الشيعة وشيوخها، فقال لنا: (إن حدث عليَّ حدث الموت فالأمر إلىٰ أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أُمرت أن أجعله في موضعي بعدي، فارجعوا إليه، وعوّلوا في أُموركم عليه).
(١٥٥) ما بين القوسين غير موجود في النسخ الثلاث، وأضفناه من تاج المواليد (ص ٦٨).
(١٥٦) روىٰ الشيخ الطوسي في الغيبة (ص ٣٩٤)، بسنده عن الصفواني، قال: (أوصىٰ الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه إلىٰ أبي الحسن علي بن محمّد السمري رضي الله عنه، فقام بما كان إلىٰ أبي القاسم).
(١٥٧) في النسخ الثلاث: (الأمل)، والصواب ما أثبتناه.
(١٥٨) قال الشيخ المجلسي في البحار (ج ٥٢/ ص ١٥١)، تعليقاً علىٰ هذه العبارة: (لعلَّه محمول علىٰ من يدَّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلىٰ الشيعة، علىٰ مثال السفراء، لئلَّا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام).
(١٥٩) أُنظر: إكمال الدين: ٥١٦، روىٰ عن أبي محمّد الحسن بن أحمد المكتَّب، قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفّي فيها الشيخ علي بن محمّد السمري قدس سره فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلىٰ الناس توقيعاً نسخته: ... الخ.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page