طرق التفكير
للتفكير مسلكان:
الأوّل:المسلك العلمي.
الثاني: المسلكي العقلي.
فأمّا المسلك العلمي:
فهو منهج معيّن في البحث للوصول إلى معرفة حقيقة الشيء عن طريق التجارب ولا يكون إلا في الاُمور المحسوسة, فلا يمكن استعمال المسلك العلمي في غير الماديّات من الأفكار وغيرها؛ لأنّ هذا المسلك يتطلب إخضاع موضوع البحث لظروف وعوامل مغايرة لطبيعة موضوع البحث ثم استنتاج حقيقة ماديّة ملموسة من هذه التجارب بعد تسجيل الملاحظات والمقارنات، كما هو الحال في المختبرات. ويتطلب هذا المسلك أن يتخلى العاشق عن جميع معلوماته السابقة عن الشيء الذي يبحث فيه، ويعتمد على التجارب والملاحظات والمقارنات للوصول إلى النتائج العلميّة حول هذا الشيء الذي يبحث فيه.
وبناءَ على هذا فإنّ المسلك العلمي ليس مسلكاً خاطئاً في بحثه عن الماديّات, وإنّما الخطأ في جعله أساساً للتفكير, فهو ليس أساسا وإنّما هو فرع بُني على أصل, فالأصل هو المسلك العقلي ويتفرّع عليه المسلك العلمي. فجعل المسلك العلمي أساساً للتفكير يُخرج أكثر المعارف والحقائق عن البحث.
وأمّا المسلك العقلي:
فهو يحتم وجود المعلومات السابقة التي يجد الإنسان لها واقعاً ويصدّقها ويسلّّم بها ويبني عليها حكمه معتمداً على التصورات الذهنيّة ماديّة وغير ماديّة فهذا وحده ينشأ عنه التفكير وبواسطته ندرك الحقائق العلميّة التي كانت نتاجاً عن المسلك العلمي السابق، وبه ندرك الخطأ من الصواب وبواسطته نصل إلى التفكير الكلّي عن الكون والإنسان والحياة.
ولذا فإنّ اقتصار الغرب على المسلك العلمي جعلهم يتفوّقون فيما هو خاضع للحسّ والتجارب من الماديّات, ولكنّهم يعانون الفراغ فيما وراء ذلك؛ ولذلك تدهورت أخلاقهم وتفشّت فيهم أسوأ الجرائم وكثرث أمراضهم النفسيّة فتراهم يُقدمون أكثر من غيرهم على الإنتحار، كما أنّ تفوقهم المادي مع هذا الفراغ جعلهم أكثر بشاعة من الوحوش في بعض الأوساط إلا أنّنا ينبغي أن لا نقع أسرى لقيود التعميم...