بُرير بن خضير
و نادى يزيدُ بن مَعقِلٍ[1]: يا برير كيف تري الله صنع بك؟ فقال صنع الله بي خيراً و صنع بك شرّاً، فقال يزيد: كذبت و قبل اليوم ما كنت كذّاباً، أتذكر يوم كنتُ أماشيك في «بني لوذان»[2] و أنت تقول: كان معاوية ضالّاً و إنّ إمام الهدي عليّ بن أبي طالب؟ قال بُريرٌ: بلى أشهدُ أنّ هذا رأيي فقال يزيد: و أنا أشهدُ أنّك من الضالّين فدعاه برير إلى المباهلة، فرفعا أيديهما إلى الله سبحانهُ يدعوانه أن يلعن الكاذب و يقتله، ثمّ تضاربا فضربهُ بريرٌ على رأسه قدّت المِغفَرَ[3] و الدّماغ، فخرَّ كأنّما هوى من شاهِقٍ، و سيفُ بريرٍ ثابت في رأسه، و بينا هو يريد أن يخرجه إذ حملَ عليه رضِيُ بن منقذِ العبدي و اعتنق بريراً، و اعتركا، فصرعه بريرٌ، و جلس على صدره، فاستغاث رضِيٌّ بأصحابه، فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل على برير، فصاح بن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس: هذا بريرُ بن خُضير القاريء الّذي كان يُقرِئُنا القرآن في جامع الكوفة، فلم يلتفت إليه و طعن بريراً في ظهره، فبرِك بُرير على رضيٍّ و عضَّ وجهه، و قطع طرفَ أنفه، و ألقاه كعب بِرمحِه عنه، و ضربه بسيفه فقتله.
و قام العبدي ينفض التراب عن قَبائه، و قال: لقد أنعمتَ عليَّ يا أخا الأزد نعمةً لا أنساها أبداً. [4]
--------------------------------------------------------------------------------
[1]. جاء في تاريخ الطبري، ج 3، ص 322: أنّه من بني عميرة بن ربيعة، و هو حليف لبني سليمة من عبدالقيس.
[2]. جاء في تاج العروس بمادّة «لوذ»: لوذان ابن عبدود بن الحرث بن زيد بن جشم بن حاسد.
[3]. المِغفَر ـ بكسر الميم و سكون الغين و فتح الفاء ـ: زَرَد يلبسه المحارب تحت القَلَنسُوة، المنجد.
[4]. تاريخ الطبري، ج 3، ص 322 و 323.